قوله تعالى: {ياأيها المزمل 1 قم الليل إلا قليلا 2 نصفه أو انقص منه قليلا 3 أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا 4 إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا 5 إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا 6 إن لك في النهار سبحا طويلا 7 واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا 8 رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا 9 واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا 10}
  ابن كيسان، ومقاتل، وقيل: لما سماه الكفار بأسماء شق عليه، فقالوا: شاعر، ساحر، كاهن، مجنون، تزمل بثيابه ونام، فأتاه جبريل، وقال: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}، {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر: ١].
  · المعنى: «يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ» قيل: المتلفف بثيابه، عن قتادة، وقيل: تزمل بِعِبْءِ النبوة، عن عكرمة، وقيل: يجوز أنه تزمل بثيابه للنوم، ويجوز أن يكون لِلْحَرِّ، فأتاه الوحي وأمره بالقيام؛ ليعلم أنه لا عذر لأحد في ترك العبادة، وقيل: كان هذا في ابتداء الوحي، ولم يكن أدى شيئًا من الرسالة بعد، فلهذا خاطبه بالمزمل، «قُمِ اللَّيلَ» أي: في الليل للصلاة، عن أكثر المفسرين، وقال أبو مسلم: قم لقراءة القرآن، فأمره أن يُقَسِّمَ الليل بين النوم، وقراءة القرآن «إِلَّا قَلِيلًا» استثنى القليل «نِصْفَهُ» قيل: هو بدل من الليل، فيكون بيانًا للمستثنى منه، أي: يجب القيام نصف الليل أو ثلثه، وقيل: هو بدل من القليل فيكون بيانًا للمستثنى، والمعنى: قم سوى نصفه أي: نصف الليل «أَوِ انْقُصْ مِنْهُ» من النصف، فترده إلى الثلث «أَوْ زِدْ عَلَيهِ» على النصف إلى الثلثين، فخيره بين هذه المنازل، وصار ذلك موكولاً إلى اجتهاده «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» قيل: تَرَسَّلْ فيه تَرَسُّلاً، عن مجاهد، وقيل: اقرأه قراءة مبينة، عن الحسن، وقيل: بَيِّنْهُ بيانًا شافيًا، عن ابن عباس، وقيل: اقرأه على هَيْنَتِك وفصله تفصيلاً، وتفهم معانيه، ولا تهذه هذًّا، وأصل الترتيل: أن يأتي بالحروف تامًّا بعضه على إثر بعض من غير نقصان، فيكون قد أتم القراءة، وفهم معناه وبين لغيره، «إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلاً» قيل: نوحي إليك، وقيل: نلزمك العمل به «ثَقِيلاً» قيل: يثقل العمل به للمشقة فيها، عن الحسن، وقتادة، وقيل: سماه ثقيلاً لثقله في الميزان، عن ابن زيد، وقيل: إنه ثقيل لم ينسخ، وإنما بين تخفيف الثقل، وقيل: ثقيل: رصين لعظم حكمته، وقيل: ثقيلاً بالوعد والوعيد والحرام والحلال، عن أبي العالية. وقيل: ثقيلاً على المنافقين، عن محمد ابن كعب، وقيل: ثقيلًا ليس بالخفيف السفساف؛ لأنه كلام ربنا جل وعز، عن الفراء، والأصل فيه أنه لما عظم العمل بما فيه من الأمر والنهي وصف بأنه ثقيل، كما