قوله تعالى: {ياأيها المزمل 1 قم الليل إلا قليلا 2 نصفه أو انقص منه قليلا 3 أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا 4 إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا 5 إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا 6 إن لك في النهار سبحا طويلا 7 واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا 8 رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا 9 واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا 10}
  سبحًا متصرفًا ومنقلبًا وترددًا فى الأداء، عن قتادة. يعنى مذاهبك فى النهار، وما يشغلك كثيرة تمنع قرار الشيء في القلب، وفي الليل يفرغ القلب للتذكر والقراءة، ويكون أثبت «وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ» قيل: اذكر الله باللسان والصلاة، وقيل: أراد ذكره في عموم الأحوال؛ لأن ذلك يُمَكِّنُ مع الاشتغال كما يمكن مع الفراغ، فكأنه يريد الذكر في جميع الأحوال، وذلك إن حمل على الوجوب يرجع إلى الاعتقاد للتوحيد والعدل والنبوات، وسائر أصول الدين، وإن أريد الذكر باللسان، فلا بد من حمله على النوافل، وقيل: اذكره بالتعظيم، وهذا على ما ذكرنا أنه يجب أن يعتقد التوحيد وصفاته الحسنى، وما يعود إلى أصول الدين، لا يجوز خلوه عنه ساعة إلا بسهو أو نسيان، وقيل: إذا ابتدأت القرآن فاقرأ (﷽)، عن أبي مسلم. «وَتَبَتَّلْ إِلَيهِ تَبْتِيلاً» قيل: أَخْلِصْ النية إخلاصًا، عن ابن عباس وجماعة، وقيل: انقطِعْ إليه انقطاعًا، تَأْمُلُ ثوابه وتخاف عقابه، وتطيعه في سرك وجهرك، وقيل: اجتهد، عن الحسن، وقيل: تفرغْ لعبادته، عن ابن زيد، وقيل: توكلْ عليه توكلاً، عن [شقيق]، وقيل: اتصلْ به اتصالاً، فما رجع من رجع إلا من الطريق، ما وصل إليه أحد فرجع عنه، وقيل: ارفع اليدين في الصلاة، عن محمد بن علي، وقيل: التبتل: رفض الدنيا وما فيها والتماس ما عند اللَّه، يعني تنقطع من الدنيا وشواغلها وتتوفر على العبادة، وقيل: من دام على الإخلاص، وكان في المكاسب المباحة فهو متبتل أيضًا «رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» أي: انقطع إليه فهو رب المشرق والمغرب «لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا» قيل: حافَظًا، وقيل: فَوِّضْ أمرك إليه، واعتمد عليه، فتجده خَيْرُ وليٍّ وكافٍ «وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ» قيل: هم الكفار ينسبونه إلى السحر والكهانة والشعر، ويكذِّبونه، وقيل: اصبر على أذاهم فيما يقولون من الكفر والضلال «وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا» أعرض عنهم إعراضًا «جَمِيلاً» يعني لا تمهلهم، واقتصر على الدعاء إلى اللَّه تعالى وتوحيده وعدله وبيان الشرع، وقيل: اصبر على ما نالك من الأذى من جهتهم مع الإبلاغ، وقيل: نسخت هذه الآية بآية القتال، وقيل: بل هو تلطف في استدعائهم، فيجب مع القتال فليس فيه نسخ، وقيل: الهجر الجميل: إظهار الجفوة من غير ترك الدعوة إلى الحق والمناصحة.