التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا 11 إن لدينا أنكالا وجحيما 12 وطعاما ذا غصة وعذابا أليما 13 يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا 14 إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا 15 فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا 16 فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا 17 السماء منفطر به كان وعده مفعولا 18}

صفحة 7141 - الجزء 10

  مُسْتَوْبَل أي: مُتَوَخّمٌ، لا يُسْتَمْرَأُ، ومنه: الوبل والوابل: ما يغلظ على النفس، وأصله: الغلظ، ومنه: الوبال، قال الشاعر:

  لَقَدْ أَكَلَتْ بَجِيلَةُ يَوْمَ لَاقَتْ ... فَوَارِسَ مَالِكٍ أَكْلًا وَبِيلًا

  والشِّيبُ: جمع أَشْيَبَ، والشَّيْبُ: بياض الشعر، شاب يشيب شيبًا.

  والفَطْرُ: أصله الشق.

  · الإعراب: ويقال: لِمَ قيل: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ} ولم يقل: منفطرة؟

  قلنا: فيه وجوه:

  قيل: أراد السقف، وهو مُذَكَّرٌ، عن يونس، وأبي علي.

  وقال الخليل: هو كقولك: شاة مُطْفِلٌ: معها أطفالها قريبة عهد بالنتاج، ومعناه: ذات انفطار، يجري على طريق النسبة، وامرأة مُطْفِلٌ أي: ذات طفل.

  وقيل: تأنيث السماء ليس بحقيقي، فمرة يُذَكَّرُ، ومرة يؤنث.

  · النزول: قيل: نزل قوله: «وذرني ...» الآيات، في صناديد قريش، والمستهزئين، وهم خمسة.

  وقيل: بل نزلت في المطعمين ببدر، وهم عشرة، عن مقاتل، وقد بَيَّنَّا في (الأنفال).

  · المعنى: لما أمره الله تعالى بالصبر على أذى الكفار أمره أن يَكِلَ أمره إلى الله فسيكفيه أمرهم، فقال سبحانه: «وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ» أي: لا تكافئهم أنت، واتركهم وإياي؟