قوله تعالى: {ياأيها المدثر 1 قم فأنذر 2 وربك فكبر 3 وثيابك فطهر 4 والرجز فاهجر 5 ولا تمنن تستكثر 6 ولربك فاصبر 7 فإذا نقر في الناقور 8 فذلك يومئذ يوم عسير 9 على الكافرين غير يسير 10}
  والأرض، فجثيت فَرَقًا، فأقبلت إلى خديجة فقلت: دثروني، فصبوا علي ماء باردًا، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}».
  وقيل: رأى جبريل في صورته، فأعظم ذلك، وقال: «دثروني» فأنزل الله تعالى هذه الآية، وآتاه جبريل هذا الخطاب، عن الأصم.
  وقيل: أول ما نزل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، عن الزهري.
  · المعنى: «يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ» قيل: المتدثر في ثيابه، قال النخعي: كان متدثرًا في شملة صغيرة، وعن بعضهم معناه: يا أيها الطالب صرف الأذى بالدثار اطلبه بالإنذار، وقيل: يا أيها المتدثر بالنبوة، قم منها، وأنذر قومك بالنار إن لم يؤمنوا، عن عكرمة، وقيل: المراد به الجِدُّ في أمره، والقيام بما أرسل به، وترك الهُوَيْنَى فيه، كأنه قيل: لا تَنَمْ عما أمرتك به، وذلك عادة العرب، يقولون: فلان لا ينام، إذا وصفوه بالجد وصدق العزيمة، كأنهم يحظرون النوم على ذي الحاجة حتى يبلغ حاجته، ولهم فيها أشعار، قال بعضهم:
  أَلاَ أَيُّهَا النَّاهِي فَزارَةَ بَعْدَما ... أَجَدَّتْ لِغَزْوٍ إِنَّمَا أَنْتَ حَالِمُ
  أَرى كُلَّ ذِيْ وَتْرٍ يَقُوَمُ بِوَتْرِهِ ... وَيَمنَعُ عَنهُ النَوْمَ إِذْ أَنْتَ نَائِمُ
  ويقولون لمن طلب ثأره [فَأَدْرَكَهُ]: هذا هو الثأر المُنِيمُ.
  وقال آخر يصف إبلًا ومن أوردها للشرب:
  أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِل ... مَا هَكَذَا تُووَدُ يَا سَعْدُ الْإِبِل
  والاشتمال والتدثر واحد.