التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها المدثر 1 قم فأنذر 2 وربك فكبر 3 وثيابك فطهر 4 والرجز فاهجر 5 ولا تمنن تستكثر 6 ولربك فاصبر 7 فإذا نقر في الناقور 8 فذلك يومئذ يوم عسير 9 على الكافرين غير يسير 10}

صفحة 7153 - الجزء 10

  «قُمْ فَأَنذِرْ» أي: خَوِّفْ بالعذاب جميع الكفار «وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ» أي: عَطمْهُ وَنَزِّهْهُ عما لا يليق به، وقيل: كبر للصلاة «وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ» قيل: طهرها للصلاة، عن أبي علي، وقيل: طهرها من لبسها على معصية أو غَدْرَةٍ، يعني: طهر الأعمال، عن ابن عباس. وأنشد:

  فَإِني بِحَمْدِ الله لاَ ثَوْبَ فَاجرٍ ... لَبِسْتُ وَلاَ مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقنَّعُ

  والعرب تقول لمن صدق ووفى: طاهر الثياب، ولمن غدر ومكر: دنس الثياب، وقال أُبيٌّ بن كعب: لا تلبسنها على غدر، ولا على ظلم، ولا على إثم، البسها، وأنت طاهر. وقيل: ثيابك فطهر من الذنوب، عن ابن عباس، وإبراهيم، وقتادة، والضحاك، والشعبي، والزهري، وقيل: أراد طهر نفسك عن المعاصي، فكنى عن النفس بالثياب؛ لأنه يشتمل عليها، قال عنترة:

  فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الْأصَمِّ ثِيَابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ

  وقيل: عملك فأصلح، عن مجاهد، والضحاك، وقيل: قلبك وبيتك فطهر، وقيل: خُلُقَكَ فَحَسِّنْ، عن الحسن، ومحمد بن كعب، وقيل: لا يكن لباسك عن حرام، عن ابن عباس، وقيل: ثيابك اغسلها بالماء عن النجاسة؛ لأن المشركين كانوا لا يتطهرون، عن ابن سيرين، وابن زيد، وقيل: كبر الله بالصلاة، وصل في ثوب طاهر، وتخلق بأخلاق طاهرة، عن أبي مسلم. فيحمل على تطهير الثياب للصلاة، وعلى تطهير الأخلاق، وقيل: وثيابك أي: أزواجك، والعرب تسمي الزوجة لباسًا، أي: طهرهن عن الكفر والمعاصي حتى يصرن مؤمنات صالحات، عن أبي مسلم، وقيل: طهرهن من الخطايا بالوعظ والتأديب، وقيل: ثيابك فقصر، عن طاووس، وكل ذلك خلاف الظاهر، والظاهر ما ذهب إليه شيخنا أبو علي. «وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ» قيل: اترك المآثم والذنوب، عن ابن عباس، والحسن، وإبراهيم، والضحاك، وقال الحسن: وكلُّ معصيةٍ رِجْزٌ، وقيل: اهجر الأوثان فلا تعبدها، عن مجاهد، وعكرمة،