التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها المدثر 1 قم فأنذر 2 وربك فكبر 3 وثيابك فطهر 4 والرجز فاهجر 5 ولا تمنن تستكثر 6 ولربك فاصبر 7 فإذا نقر في الناقور 8 فذلك يومئذ يوم عسير 9 على الكافرين غير يسير 10}

صفحة 7155 - الجزء 10

  فاصبر على ما أمرك الله تعالى من أداء الرسالة، وتعظيم الدين، وعلى ما ينالك من التكذيب؛ لتنال الفوز. وقيل: فاصبر لله عن المعاصي وعلى الطاعات والمصائب. وقيل: حملت أمرًا عظيمًا: محاربة العرب والعجم فاصبر للّه، عن ابن زيد. «فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ» أي: نفخ في الصور، وهي كهيئة البوق، عن مجاهد، وقيل: هو النفخة الثانية، وعنده يحيي الله الخلق وتقوم القيامة، وهي صيحة الساعة، عن أبي علي.

  «فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ» لِمَا يحل بهم من العذاب «عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ» أي: غير هين ولا سهل، وأضاف العسر واليسر إلى اليوم؛ لأنه يكون فيه.

  · الأحكام: الآية تقتضي أحكامًا ودلالات:

  منها: أنه ÷ في تلك الحال كان مدثرًا بثيابه، وهذا حقيقته، ولا مانع منه، فلا معنى للعدول عنه.

  ومنها: أنه يجوز أن ينادى بغير اسمه، وهذا ينقسم بما كان فيه تعظيم أو لا يكون فيه استخفاف يجوز، وهذا منه تعالى تلطف، فلا استخفاف فيه، فأما غيره فلا يجوز أن يدعوه إلا بأحسن صفاته وأسمائه، فيقول: يا نبي الله، ويا رسول الله.

  ومنها: وجوب الإنذار، والإبلاغ عليه.

  ومنها: وجوب تعظيمه جل وعز.

  ومنها: وجوب تطهير الثياب عند الصلاة، وإذا أمكن حمله على حقيقته فلا معنى للعدول عنه إلى توسع أو تَعَسُّفٍ.

  ومنها: وجوب مجانبة كل رجز، والأقرب أنه كل قبيح.

  ومنها: قبح المن للاستكثار، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه، ولا تنافي [بينها]، فيحمل على الجميع.

  ومنها: وجوب الصبر في الدين والدعاء إلى الله.

  ومنها: أن الصبر وغير ذلك مما يتعلق به الأمر والنهي فِعْلُ العبد.