قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا 11 وجعلت له مالا ممدودا 12 وبنين شهودا 13 ومهدت له تمهيدا 14 ثم يطمع أن أزيد 15 كلا إنه كان لآياتنا عنيدا 16 سأرهقه صعودا 17 إنه فكر وقدر 18 فقتل كيف قدر 19 ثم قتل كيف قدر 20 ثم نظر 21 ثم عبس وبسر 22 ثم أدبر واستكبر 23 فقال إن هذا إلا سحر يؤثر 24 إن هذا إلا قول البشر 25}
  يجمعون لك نفقة، ويزعمون أنك تدخل على ابن أبي كبشة، وابن أبي قحافة؛ لتنال من فضل طعامهم، فغضب، وقال: أما علموا أني من أكثرهم مالاً، ثم قام وأتى مجلس قومه، وقال: أتزعمون أن محمدا مجنون؟ أرأيتموه مجنونًا قط، قالوا: لا. قال: أفتزعمون أنه كاهن؟ هل رأيتم عليه شيئًا من ذلك؟ قالوا: لا، قال: أتزعمون أنه شاعر؟ هل قال شعرًا؟ قالوا: لا. قال: أتزعمون أنه كذاب؟ هل جربتم عليه كذبًا؟ قالوا: لا. فقالوا للوليد: ما هو؟ فتفكر ساعة في نفسه، ثم قال: هو ساحر، يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، وما يقوله سحر، فنزلت الآيات، قال أبو مسلم: يحتمل أنه في كل كافر هذا حاله.
  · المعنى.
  لما تقدم ذكر الكفار عقَّبه ببيان ما أنعم عليهم، وما قابلوه به من الكفران، وما أعد لهم، فقال سبحانه: «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا» أي: اكتف بي له مكافئًا، فدعني ومَنْ خَلَقْتُ، وهذا وعيد، وليس هناك مَنْعٌ حتى يقال: ذَرْ، ولكن جاء على مثل مخاطبات العرب على تقدير أنه حل محله، يقال له: هذا وحيد، يحتمل أن يكون من صفة المخلوق، أي: خلقته في بطن أمه وحيدًا لا شيء له، ولا معه لا مال ولا ولد، ويحتمل أنه مِنْ صفة الخالق، أي: خلقته وحدي لا شريك في خلقه «وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا» قيل: كثيرًا، وقيل: يمد بالنماء كالزرع والضرع والتجارة، وقيل: كان له ألف دينار، عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وقيل: أربعة آلاف دينار، عن قتادة، وقيل: ألف ألف، عن سفيان، وقيل: كان أرضًا، عن النعمان بن سالم، وقيل: كان غلة شهر بشهر، عن عطاء، وقيل: كان ماله تسعة آلاف مثقال فضة، عن ابن عباس، وقيل: كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره شتاء ولا صيفًا، عن مقاتل. «وَبَنِينَ شُهُودًا» حضورًا معه بمكة، لا يغيبون، قيل: كانوا عشرة، عن مجاهد، وقتادة، وقيل: ثلاثة عشر، عن سعيد بن جبير، وقيل: سبعة، عن مقاتل، وكلهم رجال: الوليد، وهشام، وخالد، والعاص، والقيس، وعبد الشمس، وعمارة، أسلم