قوله تعالى: {كلا والقمر 32 والليل إذ أدبر 33 والصبح إذا أسفر 34 إنها لإحدى الكبر 35 نذيرا للبشر 36 لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر 37 كل نفس بما كسبت رهينة 38 إلا أصحاب اليمين 39 في جنات يتساءلون 40 عن المجرمين 41 ما سلككم في سقر 42 قالوا لم نك من المصلين 43 ولم نك نطعم المسكين 44 وكنا نخوض مع الخائضين 45 وكنا نكذب بيوم الدين 46 حتى أتانا اليقين 47 فما تنفعهم شفاعة الشافعين 48}
  والكُبَرُ: جمع كبرى، كما يقال: أولى وأُوَل، وأخرى وأُخَر.
  والنذير: مصدر كالنكير؛ ولذلك يوصف به المؤنث.
  والسلوك: الدخول، وهو المرور في مخوض، سلكت الطريق، وأسلكته غيري: حملته عليه، قال تعالى: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ}[المؤمنون: ٢٧].
  والخوض: الدخول فيما يلوث، خاض الماء والطين.
  والدِّين: الجزاء، والدِّين: ما يدان به.
  واليقين: العلم، وهو اعتقادٌ تسكن النفس إلى أن معتقده على ما اعتقده، وقيل:
  اليقين ما لا يعتريه الشك ولا الشبهة.
  · المعنى: ثم ذكر تعالى الوعيد، فقال سبحانه: «كَلَّا» قيل: ردع وزجر لهم عما يقولون، كأنه قيل: احذروا الغفلة، واذكروا العقوبة، وقيل: يعني: لما تقولون، أي: ليس كما تقولون، فيتصل بما قبله، وقيل: معناه: حَقًّا، فيتصل بما بعده «وَالْقَمَرِ» قيل: وَرَبِّ القمر، وإنما أقسم به؛ لما فيه من عظيم آياته في طلوعه ومسيره، وغروبه، وزيادته ونقصانه، وظهوره وخفائه «وَاللَّيلِ إِذْ أَدْبَرَ» قيل: ولى وذهب، عن قتادة، وقيل: دبر: جاء دبر النهار؛ أي: أقبل، وأدبر: تولى، عن أبي مسلم وجماعة، وأكثر المفسرين أنهما بمعنى، يقال: دبر الرجل وأدبر، وقَبَلَ وأقبل «وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ» أضاء وأنار، عن قتادة. كأنه قيل: إذا كشف الظلام، فأبان الأشخاص «إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ» قيل: النار إحدى الكبر، وقد تقدم ذكرها في قوله: «سقر»، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وقيل: هذه الآية التي بينها إحدى الكبر، وقيل: آيات القرآن والوعيد، وقيل: النار في الدنيا تذكر في الآخرة (إحدى الكبر) أي: إحدى العظائم «نَذِيرًا لِلْبَشَرِ» أي: مخوفًا للخلق، وفيه ثلاثة أقوال: قيل: هو من صفة النار، عن