قوله تعالى: {كلا والقمر 32 والليل إذ أدبر 33 والصبح إذا أسفر 34 إنها لإحدى الكبر 35 نذيرا للبشر 36 لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر 37 كل نفس بما كسبت رهينة 38 إلا أصحاب اليمين 39 في جنات يتساءلون 40 عن المجرمين 41 ما سلككم في سقر 42 قالوا لم نك من المصلين 43 ولم نك نطعم المسكين 44 وكنا نخوض مع الخائضين 45 وكنا نكذب بيوم الدين 46 حتى أتانا اليقين 47 فما تنفعهم شفاعة الشافعين 48}
  الحسن، وقيل: من صفة الله، عن ابن زيد. ثم اختلفوا، فقيل: تقديره إنذارًا، وقل: أنا لكم منها نذير، وقيل: من صفة النبي ÷، عن ابن زيد. كأنه قيل: قم نذيرًا، وقيل: لكل مؤمن نذير من قبله «لِمَن شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ» قيل: لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، فلا يتقدم في طاعة الله، أو يتأخر عنها بمعصيته، عن الحسن، وقتادة، ونظيره: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ}[الحجر: ٢٤] في الطاعة و {الْمُسْتَأْخِرِينَ} عنه بمعصيته كقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩].
  وقيل: لمن شاء منكم أن يتقدم على الطاعة، ويتأخر عن المعصية، عن ابن الأنباري، وقيل: لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، فلا يتقدم إلا فيما أمر الله تعالى، ولا يتأخر إلا عما نهاه الله «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» أي: المرهون بعمله: المؤاخذ به، المجازى عليه؛ لأنه يكون محبوسًا بعمله كالرهن يكون محبوسًا بدينه؛ يعني أن كل أحد مأخوذ بذنبه فيجازى على عمله.
  ثم استثنى أصحاب اليمين، فقال: «إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ» قيل: يعطون كتبهم بأيمانهم، وقيل: يسلك بهم ذات اليمين، وقيل: أصحاب اليمين، قال قتادة: علق الناس كلهم إلا أصحاب اليمين، واختلفوا فيهم، فقيل: هم المؤمنون المستحقون للثواب والجنة، عن الحسن، وابن كيسان، وقيل: الَّذِينَ لا ذنب لهم، وكانوا ميامين على أنفسهم، وقيل: هم أطفال المسلمين، عن علي، وقيل: هم الملائكة، عن ابن عباس، وعن محمد بن علي الباقر: نحن وشيعتنا أصحاب اليمين «فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ الْمُجْرِمِينَ» أي: يسألون عن المجرمين الَّذِينَ دخلوا النار «مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ» أي: ما أدخلكم النار؟ وبأي سبب؟ «قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ» قيل: كنا لا نصلي الصلاة المكتوبة، وقيل: لم نكن من جملة المؤمنين الَّذِينَ يصلون «وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» أي: لم نؤد الزكاة المفروضة «وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ» أي: كنا نشرع في الباطل مع المبطلين كعلماء السوء وأهل البدع، يسرعون في الباطل،