التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كلا والقمر 32 والليل إذ أدبر 33 والصبح إذا أسفر 34 إنها لإحدى الكبر 35 نذيرا للبشر 36 لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر 37 كل نفس بما كسبت رهينة 38 إلا أصحاب اليمين 39 في جنات يتساءلون 40 عن المجرمين 41 ما سلككم في سقر 42 قالوا لم نك من المصلين 43 ولم نك نطعم المسكين 44 وكنا نخوض مع الخائضين 45 وكنا نكذب بيوم الدين 46 حتى أتانا اليقين 47 فما تنفعهم شفاعة الشافعين 48}

صفحة 7169 - الجزء 10

  ويُلْبِسون على العوام؛ ليتبعهم الخلق، وقيل: كنا نخوض في تكذيب النبي وآياته مع الخائضين، عن أبي مسلم، قال قتادة: كلما غوى غاوٍ بالدخول في الباطل غووا معه «وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ» أي: يوم الجزاء، وهو القيامة «حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ» من ذلك بأن عايناه، وقيل: اليقين الموت، أي: حتى أتانا الموت على هذه الحالة، وقيل: أتاهم ما كذبوا به «فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ» أي: لا يشفع لهم أحد؛ إذ لو شفع لنفع، والشفعاء ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء في خبر مرفوع.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: «لمن شاء ...» الآية، فهو تهديد ووعيد.

  وتدل على أن العبد مخير؛ لأن ذلك لا يصح في المجبور.

  وتدل على أن أفعال العبد فعله، وأن القدرة قبل الفعل.

  ومنها: قوله: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} فتدل أن أحدًا لا يؤخذ بذنب غيره، فلا يعاقب بغير ذنب، وأن أطفال المشركين لا يعذبون، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في هذه المسائل.

  ومنها: قوله: {يَتَسَاءَلُونَ} الآية، تدل أن أهل الجنة والنار تجري بينهم مساءلة.

  ومنها: قوله: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} تدل على وجوب الصلاة والزكاة.

  وتدل على أن الكفار مخاطبون بالشرائع؛ لذلك عوقبوا على ترك الصلاة.

  وتدل أن العبد يعذب بألا يفعل الواجب على ما ذهب إليه شيخنا أبو هاشم، خلاف قول أبي علي.

  وتدل على أنه لا تنفع أهل النار الشفاعة.