التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا أقسم بيوم القيامة 1 ولا أقسم بالنفس اللوامة 2 أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه 3 بلى قادرين على أن نسوي بنانه 4 بل يريد الإنسان ليفجر أمامه 5 يسأل أيان يوم القيامة 6}

صفحة 7179 - الجزء 10

  في معاصي الله، راكبًا رأسه وهواه، لا يفزع ولا يتوب، عن مجاهد، والحسن، وعكرمة، والسدي. أي: هذا الذي يحمله على الإعراض، وقيل: يقدم الذنب ويؤخر التوبة، يقول: سوف أتوب حتى يأتيه الموت على أشر أحواله، وأسوأ أعماله، عن سعيد بن جبير، وقيل: هو الأمل يأمل الإنسان ويقول: أعيش وأصيب من الدنيا كذا، ولا يذكر الموت، عن الضحاك، وقيل: يكِّذب لما هو أمامه من البعث والحساب، عن ابن عباس، وابن زيد. والفجور: الكذب، وقيل: يريد أن تأتيه الآخرة التي هي أمامه، فيراها في الدنيا، عن ابن كيسان، وقيل: ليظلم على قدر طاقته، عن السدي، وقيل: يركب رأسه في هواه، ويهيم حيث قادتْه نفسُه، ويأمل عيشًا لا يناله، ويهمل نفسه، لا يردعه ورع، ولا تحجزه تقوى، ويعمل ما شاء حتى صار إلى أن يريد أن يكون مقدمًا على كل قبيح، وُيُسَوِّفُ بالتوبة، ويجمع للدنيا آناء ليله ونهاره، ولا يتفكر في عاقبة أمره، وقيل: ليقصد ليذنب أيامًا في مستقبل عمره، ويعزم عليها، ولعله لا يبلغها، ولا يصل إليها، عن أبي علي، وأصل الفجور: الميل، وسمي الفاجر لميله عن الحق إلى الباطل «يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ» أي: متى تكون؟ قيل: قال ذلك مكذبًا لها واشتغالاً بالدنيا وما يلهيه من غير تفكر في العاقبة، فإذا خُوِّفَ بالقيامة، قال: متى يكون ذلك؟!

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: تعظيم أمر القيامة وأحوالها والقسم برب القيامة، وإنما يذكر من أفعاله ونعمه ما ينبه على عظيم قدرته وآلائه. وقيل: القسم بالقيامة.

  ومنها: صحة الإعادة وما دل عليها، وإنما ذكر البيان لما فيه من عجائب صنعه من الطول والقصر، والمفاصل، والأعصاب، والعروق، حتى تتهيأ به الأعمال وتنقبض وتنبسط.

  ومنها: قبح الآمال الباطلة، والعزم على المعاصي، والتسويف بالتوبة.

  ومنها: قبح سؤال المبطل في تقوية باطله أو تكذيب الحق؛ لذلك ذمه لقوله:

  {أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}.