قوله تعالى: {فإذا برق البصر 7 وخسف القمر 8 وجمع الشمس والقمر 9 يقول الإنسان يومئذ أين المفر 10 كلا لا وزر 11 إلى ربك يومئذ المستقر 12 ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر 13 بل الإنسان على نفسه بصيرة 14 ولو ألقى معاذيره 15}
  كقوله: {فَخَسَفْنَا بِهِ}[القصص: ٨١]، «وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» قيل: جمع بينهما أسودين مكورين. وقيل: جمع بينهما في ذهاب الضياء حتى يراهما كل أحد بغير نور وضياء، وقيل: يجمعان، ثم يرضان في البحر، عن عطاء، وقيل: يجمع بينهما في طلوعهما من المغرب، فإذا عاين الإنسان هذه الأهوال تمنى الهرب، فـ «يَقُولُ الْإِنسَانُ» يعني من هو من أهل النار «أَيْنَ الْمَفَرُّ» أين المهرب، وقيل: أين أهرب، وذلك غاية الجزع والدهش، وقيل: يجوز أن يسأل بعض المؤمنين أو الملائكة أين المهرب، فيجيبون «كَلَّا لاَ وَزَرَ» وقيل: هو من كلامه تعالى، قيل: لا ملجأ، عن ابن عباس، ومجاهد، وقيل: لا حصن، عن الضحاك، وقيل: «لاَ وَزَرَ» لا جبل، عن السدي، والحسن، وقيل: الوَزَرُ: جبل كان تتحصن به العرب عند نائبة تنوبهم، فكأنه قال: لا وزر ينجيكم من عذاب الله «إِلَى رَبِّكَ» أي: إلى حكمه «يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ» أي: مستقر الأمور، وقيل: لا وزر؛ بل المستقر إلى الموضع الذي يجعل الله قرار الخلق فيه إما الجنة، وإما النار. وقيل: المستقر: الجنة؛ لأن النجاة والراحة يومئذ لمن يدخل الجنة، وقيل: المستقر: المصير والمرجع، عن ابن مسعود. «يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ» قيل:
  يخبر. وقيل يجازى «يَوْمَئذٍ» يعني يوم القيامة «بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ» قيل: بما قدم قبل موته من عمل صالح أو سيئة، وما أخر من سُنَّةٍ حسنة أو سيئة يعمل بها بعد موته، عن ابن عباس، وابن مسعود. وقيل: بما قدم من المعصية وآخر من الطاعة، عن ابن عباس بخلاف. وقيل: بأول عمله وآخره، عن مجاهد. وقيل: ما أخذ وما ترك، عن ابن زيد. وقيل: جميع أفعاله التي يستحق الجزاء بها، وقيل: بما قدم من طاعة الله وأخر من حق الله فضيعه، عن قتادة، وقيل: بما قدم في أول عمره، وأخر في آخر عمره. وقيل: بما قدم من ماله لنفسه، وما أخر خلفه لورثته بعده، عن زيد بن أسلم. «بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ» أي: شاهد على نفسه بما تقوم عليه الحجة، عن ابن عباس، وهذا كما يقال: فلان حجة على نفسه، وفي التنزيل: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء ١٤]، وقيل: «بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ» أي: من نفسه شاهد يشهد عليه بعمله، وهي جوارحه، عن ابن عباس، وعكرمة، ومقاتل، والكلبي، قال القطيني: أقام جوارحه مقام نفسه. وقيل: طليعة على نفسه. وقيل: يشهد عليه