التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23 ووجوه يومئذ باسرة 24 تظن أن يفعل بها فاقرة 25}

صفحة 7186 - الجزء 10

  «فَإِذَا قَرَأْنَاهُ» قيل: قرأه الملك عليك بأمرنا، وقيل: إذا جمعناه لك «فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ» أي: اتبع قرآنه بقراءتك، عن ابن عباس، وقيل: فاعمل بما فيه من الأحكام، عن قتادة، والضحاك، وقيل: اعمل به وبَلِّغْهُ أمتك «ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ» نذكره لك، عن ابن عباس، وقيل: نذكر أحكامه وحلاله وحرامه، عن قتادة، وقيل: نبين لك معناه إذا حفظته، وبيان أحكامه، ومحكمه، ومتشابهه «كَلَّا» ردع وزجر عن حب الدنيا واتباع الهوى؛ لأنه قال بعده: «[بَلْ] تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ» وقيل: معناه حقًا، كأنه قيل: لا يتدبرون؛ لأنهم يحبون العاجلة ويذرون الآخرة، يعني: يختارون الدنيا على العقبى، فيعملون للدنيا لا للآخرة جهلاً منهم وسوء اختيار، وفيه تعجيب من سوء اختيارهم.

  · الأحكام: يدل قوله: {لَا تُحَرِّكْ} الآية، على معجزة، حيث يثبت الوحي في صدره من غير درس، وهذا نقض للعادة.

  ويدل قوله: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} أنَّه يجب عليه شيء؛ لأن (على) كلمة إيجاب، فبين أنه لما كلف وجب عليه البيان، وما يزيح علة المكلف.

  ويدل قوله: {تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} على أن الواجب اختيار الآخرة على الأولى، ومن خالف ذلك فلسوء اختياره، فلذلك ذمهم حيث اختاروا الفاني على الباقي، الخالص من الثواب.

قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ٢٤ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ٢٥}

  · اللغة: الوجه: عضو معروف، وأصله من المواجهة، فالوجه ما واجهك، ثم يذكر ويراد نفس الشيء، يقال: هذا وجه الرأي، قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨] يعني إلا هو.