قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23 ووجوه يومئذ باسرة 24 تظن أن يفعل بها فاقرة 25}
  · المعنى: ثم عاد الكلام إلى صفة القيامة وبيان حال الناس، فقال سبحانه: «وُجُوهٌ» قيل: معناه ذات وجوه، وقيل: أراد به الأنفس، وقيل: أراد وجوه أرباب الطاعات «يَوْمَئِذٍ» أي: يوم القيامة «نَاضِرَةٌ» قيل: بهجة حسنة، عن ابن عباس، والحسن، وقيل: مسرورة، عن مجاهد، وقيل: ناعمة، عن ابن زيد، وقيل: مضيئة، عن السدي، وقيل: بيض يعلوها النور، عن مقاتل، وقيل: مشرقة، عن الفراء. «إِلَى رَبّهَا» قيل: معناه: نِعَم ربِّها، وقيل: «إلى رَبّها نَاظِرَةٌ» قيل فيه وجهان:
  أحدهما: أن المراد نظر العين.
  والثاني: أن المراد الانتظار.
  فأما من حمله على الانتظار، اختلفوا، قيل: تنتظر الثواب من ربها، عن مجاهد، والحسن، وسعيد بن جبير، وأبي صالح، والضحاك، وروي ذلك عن أمير المؤمنين، وقيل: مؤملة لتجديد الكرامة، كما يقال: عيني ممدودة إلى الله، وإلى فلان بمعنى التأميل، وأنا شاخصة الطرف إلى فلان، ولما كانت العيون بعض أعضاء الوجوه أضيف الفعل الذي يقع بالعين إليها، عن أبي مسلم، وقيل: (إلى) بمعنى النعمة، أي: نعم ربها منتظرة، وقيل: معناه: أنهم قطعوا أطماعهم عن كل شيء سوى الله تعالى؛ لأن نظر الإنسان يختلف، فناظر إلى سلطان، وناظر إلى قريب، وناظر إلى محادثه وناظر إلى زراعة بمعنى يؤمل ذلك، وناظر إلى الله بمعنى يؤمله.
  ومتى قيل: النظر إذا عدي ب (إلى) لا يكون بمعنى الانتظار، لا يقال: انتظرت إليه، وإنما يقال: انتظرته.
  قلنا: هذا باطل من وجوه:
  منها: أن (إلى) إذا حمل على النعم يسقط السؤال.
  ومنها: أنه قد جاء في الشعر وغيره معدى بـ (إلى)، ومعناه الانتظار، قال جميل بن معمر: