قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23 ووجوه يومئذ باسرة 24 تظن أن يفعل بها فاقرة 25}
  وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْك مِنْ مَلِكٍ ... وَالْبَحْرُ دُونَك جُدْتنِي نِعَمَا
  وقال آخر:
  وُجُوه يَوْمَ بَدْرٍ نَاظِرَاتٌ ... إِلَى الرَّحْمَنِ يَأْتِي بِالْخَلاَصِ
  وقال آخر:
  إِنِّي إِلَيْكَ لِمَا وَعَدْتُ لَنَاظِرُ
  البيت وقد مر ونظائره تكثر.
  ومنها: أنه أراد أن لفظة الانتظار لا تعدى ب (إلى) فهو كذلك، وإن أراد أن النظر إذا كان بمعنى الانتظار لا يتعدى فليس كذلك، هذا كما كان الرؤية لا تعدى ب (إلى)، ثم النظر بمعنى الرؤية عندهم تعدى ب (إلى)، وقال بعضهم: إنه أراد التقابل بين صفة أهل الجنة، وصفة أهل النار، فهَؤُلَاءِ لا يؤملون تجديد الكرامة، وأولئك يظنون الفاقرة، وكله راجع إلى فعل القلب.
  ومتى يكون ذلك؟ اختلفوا: قيل: قبل الاستقرار في الجنة والنار، وكل فريق ينتظر ما هو له أهل، وقيل: هو بعد الاستقرار في الدارين، قال القاضي: والأول أولى.
  فأما الثاني: أن يحمل [على] نظر العين، واختلفوا: قيل: إلى ثواب ربها ناظرة، أي: تنظر إلى ما أعطاه الله في الجنة من النعيم حالاً بعد حال، فيزداد سرورهم، روي هذا عن جماعة من المفسرين من علماء التابعين وغيرهم، فعلى هذا قد ذكر نفسه وأراد الثواب تعظيمًا، كقوله: {وَجَاءَ ربُّكَ}[الفجر: ٢٢] أي: أمره، وكقوله: {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ}[غافر: ٤٢] أي: إلى طاعته وتوحيده، {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي}[الصافات: ٩٩] أي: إلى حيث أمرني ربي، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللَّهَ}[الأحزاب: ٥٧] أي: أولياءه.