التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي 26 وقيل من راق 27 وظن أنه الفراق 28 والتفت الساق بالساق 29 إلى ربك يومئذ المساق 30 فلا صدق ولا صلى 31 ولكن كذب وتولى 32 ثم ذهب إلى أهله يتمطى 33 أولى لك فأولى 34 ثم أولى لك فأولى 35}

صفحة 7194 - الجزء 10

  · المعنى: ثم بينَ حالهم عند النزع، فقال سبحانه: «كَلَّا» قيل: حَقًّا، وقيل: ليس الأمر كما يظنون، ولكن سيعلمون «إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي» قيل: بلغت النفس التراقي كناية عن غير مذكور؛ لأن في الكلام ما يدل عليه، والترقوتان: عظما العنق المكتنفة بالحلق «وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ» يعني قال من حضره: هل من راق؛ أي: من طبيب يرقيه ويداويه، عن أبي قلابة، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، قال قتادة: التمسوا له الأطباء، فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئًا، وقيل: قالت الملائكة من يرقى بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ عن ابن عباس، وأبي الحوراء، ومقاتل، قال أبو العالية: تختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب أيهم يرقى بروحه «وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ» أي: فراق الدنيا والأهل والمال والولد، وعن النبي ÷: «إن العبد ليعالج كرب الموت وسكراته، ومفاصله يسلم بعضها على بعض، تقول: عليك السلام، تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة»، وقيل: هو في حال المعاينة، والظن بمعنى العلم، وقيل: هو قَبِلُهُ حتى يرجوَ الصحة، ويظنَّ الفراق «وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ» قيل: شدة أمر الدنيا وأمر الآخرة، عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، والربيع، وقال الضحاك: أهل الدنيا يجهزون البدن، وأهل الآخرة يجهزون الروح، وقيل: حال الموت بحال الحياة، عن الحسن. وقيل: ساقا الإنسان ويبسهما عند الموت، عن الشعبي، وأبي مالك؛ لأنه تذهب القوة، فتصير كجلد يلتف، وقيل: التفاف الساقين في الكفن، عن الحسن بخلاف، وسعيد بن المسيب. وقيل: ساق الدنيا بساق الآخرة، وهو شدة كرب الموت، وشدة هول المطلع. وقيل: يضطرب فلا يزال يمد إحدى رجليه، ويرسل الأخرى، ويلف إحداهما بالأخرى، عن قتادة، وقيل: ماتت رجلاه، فلم تحملاه وكان عليهما جوالاً، عن الحسن أيضًا، وقيل: يلتف عليه غم فراق الدنيا والأهل، وغم القدوم على الله تعالى مع أنه لا يدري ما يقدم عليه، وقيل: يؤخذ جميع ماله من الدنيا، ويسأل عن جميعه. وقيل: هما شدتان: آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، وقيل: تتابعت عليه الشدائد من النزع، وقرب الموت، وفراق الدنيا، وغم القبر، ونحو ذلك، عن سعيد بن جبير. وقيل: لا يخرج من كربة