قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا 1 إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا 2 إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا 3 إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا 4 إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا 5 عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا 6}
  والتفجير: تشقيق الأرض مجرى الماء، ومنه: انفجار الصبح، وهو انشقاقه عن الضوء، ومنه: الفجور لسعة الأمر في الفساد.
  · الإعراب: {شَيْئًا مَذْكُورًا} نصب لأنه خبر (كان)، وتقديره: لم يكن الإنسان شيئًا مذكورًا.
  و (الأمشاج): بناؤه بناء جَمْعٍ، وهو في معنى الواحد؛ لأنه نعت للنطفة، وذلك نحو قولهم: ثوبٌ أخلاقٌ.
  «عينًا» قيل: نصب على البدل من «كافورًا»، وقيل: نصب على الحال، والقطع من «مزاجها»، عن الكسائي، وقيل: بفعل محذوف، أي: يشربون عينًا، وقيل: من عين، وقيل: أعني عينًا، وقيل: نصب على المدح. والباء في «بها» صلة، قيل:
  تقديره: يشربها، وقيل: بمعنى (مِن)؛ أي: يشرب منها.
  «تَفْجِيرًا» نصب على المصدر.
  «شَاكِرًا» نصب على الحال، وقيل: تقديره: إما أن يكون شاكرًا.
  · المعنى: «هَلْ أَتَى» قيل: قد أتى، وهو إخبار مؤكد، وقيل: هو استفهام، والمراد التقرير، عن أبي علي. وهو تقرير على ألطف الوجوه، وتقديره: أيها المُنْكِرُ الصانعَ وقدرته، أليس قد أتى عليك دهور لم تك شيئًا مذكورًا، ثم كُوِّنْتَ؟ وكل أحد يعلم ضرورة أنه لم يكن موجودًا، ثم صار موجودًا، فإذا تفكر فيه علم أن له صانعًا صنعه، ومحدثًا أوجده «عَلَى الْإِنسَانِ» قيل: آدم هو أول من سمي به، عن الحسن، وقتادة، وسفيان، وأبي علي. وقيل: هو على كل إنسان، والمراد به الجنس، عن أبي مسلم. «حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ» وقت من الأوقات، وقيل: أتى عليه أوقات وهو مصور إنسانًا. وقيل: أتى عليه مدة وهو غير مصور، والأول أظهر، واختلفوا، قيل: هو آدم أتى عليه أربعون سنة ملقى بين مكة والطائف قبل أن ينفخ فيه الروح. وقيل: هو عام في جميع الخلق، فإنه قبل الولادة لا يكون مذكورًا؛ بل يكون معدْومًا، ثم يوجد في صلب أبيه، ثم في