قوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا 7 ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا 8 إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا 9 إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا 10}
  وقال بعضهم: يطعمون الطعام في حال صحة وشح واحتياج إليه لا عند اليأس من الحياة، وقال بعضهم: على شهوة وجوع، ويؤثرون على أنفسهم. وقال بعضهم: يطعمون من أحب الأشياء إليهم كما روي عن الحسن أنه كان يتصدق بالسكر، ويقول: أنا أحبه، وقيل: الهاء كناية عن الله تعالى، أي: يطعمون الطعام للتقرب إلى الله سبحانه وحب مرضاته لا للرياء والسمعة، قال الداراني: على حب اللَّه. وقيل: الهاء كناية عن إطعام الطعام. وقيل: الهاء كناية عن الفقراء؛ أي: يطعمون الطعام على حب منهم للفقراء لا يرون ذلك مغرفًا. «مِسْكِينًا» قيل: هو الفقير الذي لا شيء له، وهو أسوأ حالاً من الفقير، هكذا قال جماعة من أهل اللغة كيونس، وابن زيد، ويعقوب، وابن دريد، وجماعة من الفقهاء وهم أبو حنيفة وأصحابه وغيرهم، وجماعة من المفسرين منهم أبو مسلم. وقيل: هو الذي له بُلْغَة من العيش، والفقير أسوأ حالا منه، وهو قول الشافعي، وابن الأنباري، وأصله من السكون كأنه يسكنه الفقر «وَيَتِيمًا» هو الطفل الذي لا أب له «وَأَسِيرًا» قيل: المأخوذ من أهل الحرب، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي، قال قتادة: لقد أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ أهل الشرك. وقيل: هم المحبوس من أهل القبلة، عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء، قالوا: أخوك المسلم أحق أن تطعمه. وقيل: للملوك من العبيد والإماء؛ لأنهم أسروا من دار الحرب. وقيل: الأسير: المرأة، عن أبي حمزة الثمالي. وقيل: أراد الأسير في أيدي الكفار يعطون في فكاك رقبتهم. «إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ» أي: ويقولون مع الإطعام: «إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ» قيل: لله وطلب رضاه لا رياء وسمعة أو طلب عوض. وقيل: لوجه الله أي: لله وأمره وإيجابه «لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ» على ذلك «جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا» قيل: شكرًا، وجمع الشكر شكورًا، كالكفور، وقيل: هو مصدر كالدخول والخروج والقعود، وقيل: أما إنهم ما تكلموا به ولكن علم الله من قلوبهم فأثنى به عليهم ليرغب في ذلك راغب، عن سعيد بن جبير، ومجاهد. وقيل: بل يقولون بلسانهم ذلك لتزول المنة. «إِنَّا نَخاف مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا» أي: قالوا أو أضمروا: إنا نخاف من ربنا عذاب يوم «عَبُوسًا» أي: تعبس فيه الوجوه، فأضاف إلى الوقت توسعًا، كقولك: يوم صائم وليل قائم، قال ابن عباس: عبس فيه الكافر حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، وقيل: وصف اليوم بالعبوس لما فيه من الشدة