التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا 7 ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا 8 إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا 9 إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا 10}

صفحة 7209 - الجزء 10

  كالرجل يعبس عند الشدة «قَمْطَرِيرًا» قيل: العبوس الضيق والقمطرير: الطويل، عن ابن عباس، وقيل: العبوس: الذي لا انبساط فيه، والقمطرير: الشديد، عن الكلبي.

  وقيل: القمطرير: الذي يقبض الوجه وتقبض الجباه وما بين الأعين لشدته، عن قتادة، ومجاهد. وقيل: القمطرير أشد ما يكون من الأيام وأصعبه، عن الأخفش، وعن الحسن: سبحان الله ما أشد اسمه!، وهو من اسمه أشد.

  · الأحكام: يدل قوله: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} على أشياء:

  منها: عظم موقع الوفاء بالنذر، وأنها من العبادات العظيمة، وعلى وجوب ذلك، والأظهر أنه ما يوجبه المرء على نفسه، وإنما يلزم بالنذر ما يكون فيه قربة، وقد قال النبي ÷: «لا نذر لابن آدم في معصية الله».

  ومتى قيل: أليس لو نذر صوم يوم النحر أو الفطر أو أيام التشريق فإنه يلزمه عند أبي حنيفة، ولو نذر صلاة في أرض مغصوبة يلزم عند الجميع؟

  قلنا: يلزم الصوم والصلاة وهي قربة، فأما في ذلك اليوم أو في مكان المغصوب فلا يلزمه.

  ومنها: أن الواجب أن يفعل ذلك وجميع الطاعات لله رغبة ورهبة والخوف مانع للرجاء، فإذا أطاع لوجوبه رجاء لثوابه وخوفًا لعقابه إن تركه استحق الثواب، وليس في الآية أنه يفعل للخوف فقط، ولكن وصفهم بأنهم مع فعل الطاعات يخافون، فليس لقائل أن يقول: إذا فعل الطاعة للخوف لا يوجب الثواب.

  وقوله: {وَيُطْعِمُونَ} الآية، تدل على أشياء:

  منها: أن الإطعام مع الحاجة يكون أعظم في الثواب.

  ومنها: أن الأسير من أهل الصدقة، والظاهر أنه الأسير من أهل الحزب في أيدي المسلمين.