التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا 11 وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا 12 متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا 13 ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا 14 ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا 15 قوارير من فضة قدروها تقديرا 16 ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا 17 عينا فيها تسمى سلسبيلا 18}

صفحة 7210 - الجزء 10

  وتدل على جواز التصدق على أهل الذمة، ولا يقال: إنه نسخ بآية السيف؛ لأنه لا تنافي بينهما حتى يحمل على النسخ، وقد أمر النبي ÷ بإطعام أسارى بني قريظة، وألّا يقتلوا في حر الهاجرة لئلا يجتمع عليهم حر الشمس، وحر السيف، وأمر بالإحسان إلى أسارى بدر، وكان يدفع الأسير إلى الرجل من المسلمين، ويقول:

  احبسوه عندكم، وكانوا يطعمونه، فأثنى الله تعالى عليهم بذلك.

  ومتى قيل: هل يجوز دفع الزكاة إليهم؟

  قلنا: لا بالإجماع، وإنما تجوز صدقة النفل، واختلفوا في صدقة الفطر، فعند أبي حنيفة تجوز، وعند أبي يوسف لا تجوز.

  ومنها: أن الإباحة والتمليك في صدقة التطوع سواء، وإنما الزكاة يشترط فيها التمليك.

  ومنها: أن الإطعام يجب أن يكون للّه، لا للشكر والجزاء.

  ومتى قيل: فهل يصح إذا فُعِلَ لهما؟

  قلنا: لا يصح، ولكن لا يستحق الثواب، ويحتمل قوله: {إِنَّا نَخَافُ} على وجوب الخوف من العقاب والتحرز منه.

  وتدل على أن أفعال العبد فعلُهم من وجوه:

  منها: قوله: {يُوفُونَ}، {وَيَخَافُونَ}، {وَيُطْعِمُونَ}

قوله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ١١ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ١٢ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ١٣ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ١٤ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ١٥ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ١٦ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ١٧ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ١٨}