التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم 220}

صفحة 886 - الجزء 1

  وقيل: لما نزلت: {وَلَا تقرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} فاجتنبوا مخالطتهم في كل شيء، وكانوا لا يؤاكلونهم، واشتد عليهم ذلك، فسألوا عنه فنزلت الآية، عن قتادة والربيع.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى شريعة أخرى فقال تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ» يا محمد، الضمير في «يسألونك» قيل: يرجع إلى القوم عن الأيتام، عن أبي مسلم «عَنِ الْيَتَامَى» لا بد في الكلام من إضمار؛ لأن السؤال لم يقع عن أشخاصهم، ولا ورد الجواب عنها، ثم اختلفوا فقيل: يسألونك عن القيام عليهم، عن أبي مسلم. وقيل: عن التصرف في مالهم ومخالطتهم. وقيل: عن تدبير أمره في نفسه وماله، عن القاضي «قُلْ» يا محمد «إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيرٌ» المخاطب به ولي اليتيم، يعني إصلاح لأموالهم بغير عوض، وقيل: إصلاحهم بتأديبهم وتقويمهم مثل ما يفعله بولده، عن أبي مسلم. وقيل: إصلاح لهم فيما يرجع إلى صلاح نفسه وماله «خَير» يعني أعظم في الأجر «وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ» قيل: تشاركوهم في مؤاكلتهم ونفقاتهم ومساكنتهم «فَإِخْوَانُكُمْ» أي فهم إخوانكم، وهذا إذن من اللَّه تعالى في مخالطتهم، عن الحسن. وقيل: تخالطوهم بأن تنكحوا منهن وتُزَوِّجوا منهم، عن أبي مسلم «وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ» قيل: المفسد لأموالهم من المصلح لها، وقيل: يعلم ضمائر من أراد الإفساد والطمع في مالهم بالنكاح من المصلح «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ» يعني كما وسع عليكم بهذه الرخصة، ولو شاء شدد عليكم وضيق في مخالطتهم، وقيل: ولو شاء لأوبقكم فيما أتيتم في أموالهم «إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ» قادر لا يجوز عليه المنع «حَكِيمٌ» في أفعاله مع قدرته، وقيل: عليم، عن أبي علي.