قوله تعالى: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا 19 وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا 20 عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا 21 إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا 22 إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا 23 فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا 24 واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا 25 ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا 26}
  [فصلت: ١٣] فقاما يقول أحدهما لصاحبه: ظننت أن الكعبة ستقع علينا، فنزل قوله: {وَلَا تُطِعْ} الآية.
  · المعنى: ثم وصف تعالى نعيم الجنة، فقال سبحانه: «وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ» أي: يدور عليهم بالخدمة غلمان، وقيل: بما يحتاجون إليه من الطعام والشراب، عن أبي علي.
  «مُخَلَّدُونَ» أي: باقون دائمون لا يموتون، عن قتادة، وقيل: خلدوا على هيئة الوصفاء لا يشيبون أبدًا، عن الحسن. وقيل: مخلدون: مسودون بلغة حمير، قال شاعرهم:
  ومخلَّداتٌ باللُّجَيْنِ كَأنّما ... أَعْجَازُهُنَّ أَقَاوِزُ الْكُثْبَانِ
  وقيل: مخلدون مقرطَون، والخلد: القرط، قال أبو مسلم: وليس في هذا كبير فضل لولدان الجنة على ولدان الدنيا يوجب حمله على البقاء «إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا» قيل: كاللؤلؤ المنثور في حسنهم، عن قتادة. وقيل: كاللؤلؤ في الصفاء وحسن المنظر، ويعني «مَنْثُورًا» أي: متفرقون في الخدمة لتتم بهم النعمة، وقيل: اللؤلؤ إذا نثر وقع ضوء كل واحد على صاحبه فيكون شعاعه زيد وحسنه أتم «وِإذَا رَأَيْتَ» قيل: الخطاب للنبي ÷ والملك يحصل له. وقيل: بل لكل مكلف، تقديره: إذا رأيت أيها الإنسان أو أيها السامع. وروي أن أسود قال: يا رسول الله إذا دخلت الجنة أترى عيناي ما ترى عيناك؟ قال: «نعم» فما زال يبكي حتى مات قيل: هذه النعم ثَمَّ، وقيل: إذا رأيت الجنة «رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا» عظيمًا قيل: هو الملك الدائم الأبدي، ونفاذ الأمر، وحصول الأماني. وقيل: الملك الكبير، إن أدناهم منزلة ينظر في ملكه من مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه، وقيل: هو استئذان الملائكة عليهم، عن سفيان. وقيل: مُلْكٌ لا يعقبه هلك، بخلاف ملك الدنيا. وقيل: هو أنه إذا أراد شيئًا كان «عَالِيَهُمْ» قيل: وعليهم أي: على أهل الجنة،