التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا 19 وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا 20 عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا 21 إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا 22 إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا 23 فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا 24 واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا 25 ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا 26}

صفحة 7219 - الجزء 10

  أي: اصبر لحكم ربك، يعني اصبر بما يحكم الله لك من النصر على أعدائك، وقيل: حكم الله أن تبلغ الكتاب وتعمل به، وتتحمل المشقة في أداء ما كلفت. وقيل: اصبر وانتظر حكم الله فيك وفيهم حتى يحكم بينكم «وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا» قيل: آثمًا ولا كفورًا، والألف صلة، عن الفراء، وقيل: (أو) دخل للتأكيد؛ لأنه لو قال: آثمًا وكفورًا فلو أطاع أحدهما كان يجوز أن يظن أنه لم يدخل تحت النهي، وإذا أدخل (أو) فأيها أطاع دخل تحت النهي، عن الزجاج. والآثم: الذي يفعل الإثم. والكفور: الجحود. قيل: الآثم أبو جهل، والكفور: الوليد بن المغيرة. وقيل: هو عام في كل كافر. وقوله: «مِنْهُمْ» قيل: من مشركي مكة. وقيل: من الكفار. وقيل: من الناس.

  وقيل: أراد النهي عن مقاربة الكفار، أي كافر كان. وقيل: أراد لا تطع فاسقًا ولا كافرًا، فالآثم: الفاسق، والكفور: الكافر. يعني: لا تطع من يدعوك إلى إثم أو كُفرٍ، وهذا أولى لزيادة الفائدة، وعدم التكرير. «وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ» أي: أقبل على شأنك من ذكر الله والدعاء إليه وتبليغ الرسالة ولا تطعهم، ولا تلتفت إليهم، فإن الله ناصرك ومعينك فالزم ذكره وطاعته «بُكْرَةً وَأَصِيلًا» قيل: صباحًا ومساء، وقيل: دائمًا.

  وقيل: أراد صلاة النهار والفجر والظهر والعصر. وقيل: هو أمر بدوام الذكر على عادة الناس، يقولون: افعل ذلك صباحًا ومساء، يعني دائمًا، عن أبي مسلم. وبكرة: أول النهار، والأصيل: آخره. {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} يعني صَلِّ صلاة الليل، وهو المغرب والعشاء. وقيل: أراد صلاة الليل، وكانت واجبة. وقيل: أراد التطوع، عن أبي علي. وقيل: أراد الخضوع وأن يعبده ليلاً أو نهارًا، ولا يغفل عن تسبيحه وتنزيهه شيئا.

  «وَسَبِّحْهُ»: أي: نزهه عما لا يليق به «لَيْلًا طَوِيلًا» قيل: طول الليل، ويكون الطويل صفة الليل. وقيل: سبحه كثيرًا في الليل، ويكون الطويل من صفة التسبيح.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: أن من مات قبل التكليف فهم خدم الجنة، وهم الولدان، وهم أطفال المشركين.