قوله تعالى: {والمرسلات عرفا 1 فالعاصفات عصفا 2 والناشرات نشرا 3 فالفارقات فرقا 4 فالملقيات ذكرا 5 عذرا أو نذرا 6 إنما توعدون لواقع 7}
  رحمته، عن الحسن، وقيل: لأنها تنشر في الهواء، عن أبي علي، وقيل: الملائكة تنشر الكتب، عن مقاتل. «فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا» قيل: الملائكة تفرق بين الحق والباطل، عن ابن عباس، وأبي صالح، ومجاهد، والضحاك، وأبي علي، وقيل: آيات القرآن، عن الحسن، وقتادة، والأصم، فرقت بين الحلال والحرام، والهدى والضلال، وقيل: الرياح تفرق بين السحاب، وقيل: بين الحق والباطل بأن تهلك أهل الباطل، وتنجي المؤمن كما شوهد يوم الخندق، وقيل: السحابات الماطرة المثقلة بماء المطر، تشبيهًا بالناقة الفارق، على ما تقدم، عن أبي مسلم، وقيل: هي الرياح الفارقة، مرَّة تجري بسهولة، ومرة تجري بعصوف، وهي وقت تنشر السحاب، وفي وقت تأتي بالعذاب، كذلك الفرق، وهي فصل الحكم من الله تعالى، وإضافة الفعل إلى الريح تَوَسُّعٌ؛ لأنه سببه، عن أبي مسلم، فالأول أولى. (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) قيل: الملائكة، عن ابن عباس، وقتادة، وأبي علي، تلقي الذكر إلى الأنبياء، والأنبياء تلقيه إلى الأمم، والعلماء تلقيه إلى المتعلمين، وإلقاؤه بأن تنزله وتفهمه، وقيل: هي الرياح تلقي الذكر والوعظ إذا هبت في الحر، وإذا حملت السحاب، وإذا أهلكت، فتوجب الشكر على إحسانه، والحذر عن مثل ما حل بالمهلكين، عن أبي مسلم، فحمل أبو مسلم الخمسة على الرياح، وأبو علي الثلاثة الأولى على السحاب، والرابعة والخامسة: (الفارقات، والملقيات) على الملائكة، وهو اختيار قاضي القضاة، وبعضهم حمل الجميع على الملائكة، وبعضهم اختلفوا فيه، وبعضهم حمل كل واحد على شيء آخر، قالوا: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} الأنبياء، و (العاصفات): الرياح، و (الناشرات): الأمطار نشرت النبات، و (الفارقات): آي القرآن، و (الملقيات ذكرًا): الملائكة تلقي كتب الله إلى الأنبياء، وهذا أولى لتكثير الفوائد، والتنبيه على الأدلة والنعم الموجبة للشكر. «عُذْرًا أَوْ نُذْرًا» قيل: ما يلقون عذرًا أو نذرًا، وقيل: إعذارًا وإنذارًا، وقيل: الإعذار والإنذار؛ لأنه بالبيان الشافي مزيح للعلة متناه في الإعذار، ولما فيه من الوعيد يكون متناهيًا في الإنذار «إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ» يعني ما توعدون من أمر القيامة والبعث والحساب والجزاء. لواقع؛ أي: كائن لا محالة.