قوله تعالى: {عم يتساءلون 1 عن النبإ العظيم 2 الذي هم فيه مختلفون 3 كلا سيعلمون 4 ثم كلا سيعلمون 5 ألم نجعل الأرض مهادا 6 والجبال أوتادا 7 وخلقناكم أزواجا 8 وجعلنا نومكم سباتا 9 وجعلنا الليل لباسا 10 وجعلنا النهار معاشا 11 وبنينا فوقكم سبعا شدادا 12 وجعلنا سراجا وهاجا 13 وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا 14 لنخرج به حبا ونباتا 15 وجنات ألفافا 16}
  تعتصر بالمطر، كأدْ السحاب تحمل الماء، ثم تعصره الرياح، فترسله كإرسال الماء بعصر الثوب، وعُصِرَ القومُ: مُطِرُوا، والإعصار: الريح تثير السحاب.
  والثَّجُّ: الصَّبُّ، ومنه: «أفضل الحج العج والثج»، أي: صب الدم، والثجَّاج: الدفَّاع في انصبابه، كثج دماء البدن، ثججت دمه فأنا أثُجُّهُ ثَجًّا، وقد ثج الدم يَثُجُّ ثُجُوجًا.
  والألفاف: الأخلاط المتداخلة يدور بعضها على بعض، واحدها: لَفٌّ، وشجر ملتف، وأشجار ملتفة، وقيل: واحدها: لُف بضم اللام، شجرة لفاء، وشجر لَفٌّ، ثم الألفاف جمع الجمع.
  · المعنى: «عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ» يعني عن أي شيء يتساءلون، فهو استفهام، والمراد تفخيم الأمر، وقيل: هَؤُلَاءِ المشركون يسأل بعضهم بعضًا على طريق الإنكار، والتعجب، وقيل: يتساءلون عن المؤمنين لما أقروا وكذب أولئك «عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ» أي: الخبر العظيم، قيل: القرآن، عن مجاهد، كقوله: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ}[ص: ٦٧]، وقيل: محمد ÷ اختصموا فيه، وقيل: البعث بعد الموت، عن قتادة، وابن زيد، وأبي علي، وأبي مسلم. «الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلفُونَ» فمصدق به ومكذب، عن قتادة. «كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ» (كَلَّا): ردع وزجر، أي: ليس كما يقولون، وقيل: معناه: حَقًّا سيعلمون، قيل: سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم، عن الضحاك، وقيل: كلا سيعلمون ما ينالهم يوم القيامة من العذاب «ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ» ما ينالهم في جهنم من عذاب النار.
  ثم دل بذكر ما خلق ابتداء على أنه قادر على إعادتهم، كأنه قيل: ما الذي حملكم على التكذيب، أشكًّا في قدرته؟ فهو الذي قدر على هذه الأشياء، فقال سبحانه: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا» قيل: بساطًا، عن قتادة، وقيل: مستوية ليتمكنوا من التصرف عليها «وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا» للأرض لتسكن ولا تضطرب «وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا»