قوله تعالى: {إن يوم الفصل كان ميقاتا 17 يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا 18 وفتحت السماء فكانت أبوابا 19 وسيرت الجبال فكانت سرابا 20 إن جهنم كانت مرصادا 21 للطاغين مآبا 22 لابثين فيها أحقابا 23 لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا 24 إلا حميما وغساقا 25 جزاء وفاقا 26 إنهم كانوا لا يرجون حسابا 27 وكذبوا بآياتنا كذابا 28 وكل شيء أحصيناه كتابا 29 فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا 30}
  والوِفَاقُ: الجاري على مقدار، فالجزاء وفاق؛ لأنه جارٍ على مقدار الأعمال في الاستحقاق، واحدها وَفْقٌ.
  والرجاء: التوقع لوقوع أمر يخاف ألَّا يكون.
  وكذابًا: مصدر على «فِعَّال» جاء للمبالغة، قال الفراء: وهي لغة يمانية فصيحة، يقولون: كَذَّبْتُ كِذَّابًا، وخَرَّقْتُ القميص خِرَّاقًا، ومعناه: كَذَّبُوا تكذيبًا عظيمًا.
  · الإعراب: {جَزَآءً} نصب على المصدر، أي: جزيناهم جزاء. {وِفَاقًا} كذلك، أي: وَافَقَ أعمالهم وِفَاقًا، عن الأخفش، كما قال: قَاتَلَ قِتَالاً.
  ويقال: لم قال: {مِرْصَادًا} وجهنم مؤنثة؟
  قلنا: لأنه «مفعال»، و «مفعال» لا تدخله الهاء.
  {مَآبًا} نصب؛ لأنه خبر (كان)، أي: كانت للطاغين مَآبًا.
  {كِتَابًا} نصب على المصدر؛ لأن في {أَحْصَيْنَاهُ} معنى كتبناه، كأنه قيل:
  كتبناه كتابًا.
  · المعنى: لما تقدم ذكر الأدلة بأشياء لا يقدر عليها غيره من الأجسام والأعراض عقَّبها بذكر الإعادة والبعث تنبيهًا على أنه دل بتلك الآيات على صحة البعث، فقال سبحانه: «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ» أي: يوم القضاء والحكم، وهو يوم القيامة «كَان مِيقَاتًا» أي: وقتًا موعدًا لا بد أن يأتي «يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ» قَرْنٌ ينفخ فيه إسرافيل، يحيي الله تعالى الخلق عنده، عن جماعة من المفسرين، وروي مرفوعًا، وقيل: الصور جمع صورة، أي: ينفخ الروح في الصور «فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا» أي: جماعة جماعة إلى أن يتكاملوا في القيامة، كل فريق مع شكله، وقيل: كل أمة تأتي مع نبيها، فلذلك جاءوا أفواجًا «وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ» قيل: شققت السماء [«فَكَانَتْ أَبْوَابًا»] كالأبواب، وقيل: صار فيها طرقٌ ولم تكن كذلك، وقيل: تشققت لنزول الملائكة «وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ» من أماكنها «فَكَانَتْ سَرَابًا»