التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن للمتقين مفازا 31 حدائق وأعنابا 32 وكواعب أترابا 33 وكأسا دهاقا 34 لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا 35 جزاء من ربك عطاء حسابا 36 رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا 37 يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا 38 ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا 39 إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا 40}

صفحة 7255 - الجزء 10

  «وَكَوَاعِبَ» أي: جَوَارِيَ، وكواعب: نواهد، عن ابن عباس. «أَتْرَابًا» متساوية في سن واحدة، عن قتادة، ومعناه: استواء الخلقة والقامة والصورة حتى تكون متشاكلة، وقيل: على مقدار أزواجهن في الحسن والصورة والسن، عن أبي علي. «وَكَأْسًا» من الشراب «دِهَاقًا» مُتْرَعَةً مملوءة، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وقيل: متتابعة، عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وقيل: صافية، عن عكرمة، وعن أبي هريرة قال:

  دمادم، وقيل: على قدر رِيِّهِمْ، عن مقاتل. «لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا» أي: كلامًا يكرهونه لا فائدة فيه، وقيل: لا يسمعون ما يؤذيهم «وَلاَ كِذَّابًا» قيل: لا يسمعون من أحد تكذيبهم، وقيل: لا يكذب بعضهم بعضًا «جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ» أي: مكافأة يعطيهم الله تعالى على أعمالهم «عَطَاءً» أي: أعطاه الله ذلك «حِسَابًا» أي: عطاء كافيًا يكفيهم، عن أبي علي، وأبي مسلم، يقال: أَحْسَبَنِي هذا الشيء: إذا كفاني، وحسبك: كفاك، ومنه: حسبي الله، وقيل: حسابًا على قدر الاستحقاق، وحسب ما عملوا، وقيل: يعطون حتى يقولوا: حسبنا ربنا «رَبِّ السَّمَاوَاتِ» أي: يعطيه رب السماوات «وَالْأَرْضِ» فهو رب كل شيء من السماوات والأرض «وَمَا بَيْنَهُمَا» وهو «الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا» كلامًا، يعني: يفعل بالمؤمنين من الثواب، وبالعاصين من العقاب ما لا يراجع في شيء ولا يعارض؛ لأنه يفعله بحسب الاستحقاق والعدل والحكمة، فلا يكون لأحد فيه كلام، وقيل: لا يملكون خطابًا؛ أي: رضًا، كقولهم: لا يكلمهم الله يوم القيامة، وقيل: لا يملك أن يسأل الله، ولا أن يخاطبه الله بما يتمنى، وقيل: لا يملك شفاعة إلا بإذنه، عن الكلبي، وقيل: لا يملك سؤالاً منه إلا بإذنه، وقيل: لا يجترئون أن يخاطبوه، كقوله: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}⁣[المؤمنون: ١٠٨]، وقيل: لا يملكون أن يبسطوا في الكلام إلا بإذنه، فلا يقولون لغوًا، وإنما يقولون ما يؤذن لهم «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ» قيل: الروح جبريل، عن الضحاك، والشعبي، وقيل: ملك من أعظم الملائكة خلقًا، عن ابن عباس، وابن مسعود، وقيل: هو القرآن، عن زيد بن أسلم، وقيل: هم خلق على صورة الآدميين يأكلون ويشربون، عن مجاهد، وقيل: