قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون 221}
  مطيع لله مؤمن به «خَيرٌ مِنْ» حر «مُشْركٍ وَلَوْ أَعْجَبَكمْ» ماله وحاله وجماله «أُولَئِكَ» يعني المشركين «يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» يعني إلى الكفر والمعاصي التي هي سبب دخول النار «وَاللَّه يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ» إلى الإيمان والطاعة التي هي موجبة للجنة «وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ» أي بما يأمر ويأذن فيه من الشرائع والأحكام، عن الحسن وأبي علي، وقيل: بإعلامه «وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ» قيل: حججه، وقيل: أوامره ونواهيه، وما يحظره ويبيحه، عن أبي مسلم «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» أي لكي يتذكروا ويتعظوا.
  · الأحكام: تدل الآية على تحريم نكاح المشركة، واختلفوا فيه، فمنهم من قال: المراد به الثنوية والمجوسية دون أهل الكتاب، ولأن الشرك متى أطلق لم يقع على أهل الكتاب؛ ولذلك قال: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ} وقال: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} ففصل بينهما، وعطف أحدهما على الآخر، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ابتدأ ببيان لتحليل نكاحهن، ولا نسخ ولا تخصيص في الآية. ومنهم من قال: إن الآية تتناول كل الكفار؛ لأن الشرك من حيث الشرع ينطلق على الكل، ثم اختلف هَؤُلَاءِ على ثلاثة أقوال: فزعم بعضهم أن الآية منسوخة في الكتابيات بالآية في المائدة، عن ابن عباس والحسن ومجاهد والربيع. وزعم بعضهم أنها مخصوصة بها، عن سعيد بن جبير وقتادة. وزعم بعضهم أنها على ظاهرها في تحريم نكاح كافرة كتابية كانت أو مشركة، روي ذلك عن ابن عمر ومحمد بن علي، وهو مذهب يحيى الهادي والقاسم @، وتأول الهادي في (الأحكام) آية المائدة إذا أسلمت بعد أن كانت كتابية، إلا أنه يبطل فائدة تخصيص الكتابيات بالذكر، وأكثر الصحابة والفقهاء على جواز نكاح الكتابيات، قال القاضي: