التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والنازعات غرقا 1 والناشطات نشطا 2 والسابحات سبحا 3 فالسابقات سبقا 4 فالمدبرات أمرا 5 يوم ترجف الراجفة 6 تتبعها الرادفة 7 قلوب يومئذ واجفة 8 أبصارها خاشعة 9 يقولون أإنا لمردودون في الحافرة 10 أإذا كنا عظاما نخرة 11 قالوا تلك إذا كرة خاسرة 12 فإنما هي زجرة واحدة 13 فإذا هم بالساهرة 14}

صفحة 7264 - الجزء 10

  · المعنى: «وَالنَّازِعَاتِ» اختلف العلماء في هذه الخمسة الأحرف «النارعات - والناشطات - والسابحات - والسابقات - والمدبرات» فقال ابن عباس ومجاهد: المراد بالجميع الملائكة، وزيف أبو مسلم هذا القول، وذكر أنه لا دليل على هذا، وأنه لا يجوز تأنيث الملائكة، والوجه أن يراد بها الملائكة؛ لأنه أضاف الفعل إليهم، ولأنهم أجمعوا أن المراد بالمدبرات الملائكة، عن أبي مسلم، وهو محجوج بالإجماع. وقال الحسن وقتادة وأبو علي: المراد بالأربعة الأولى النجوم، وبالمدبرات الملائكة. وقال أبو مسلم: المراد بالجميع الغزاة، والرماة في سبيل الله.

  فأما غير هَؤُلَاءِ منْ المفسرين فاختلفوا، ونبين ما قيل فيه حرفًا حرفًا.

  قوله: «والنازعات» قيل: الملائكة تنزع الأرواح من الأبدان، عن ابن عباس، ومسروق. وقيل: هي الملائكة تنزع أرواح الكفار بشدة، عن أبي علي، ومقاتل، وسعيد بن جبير. وقيل: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق، تطلع ثم تغيب، عن الحسن، وقتادة، وابن كيسان، وأبي عبيدة، والأخفش، وأبي علي. وقيل: القِسِيّ تنزع بالسهم، عن عطاء، وعكرمة. وقيل: النفوس تنزع بالخروج من البدن، عن السدي. وقيل: هو الموت ينزع النفوس، عن مجاهد. وقيل: الغزاة الرماة. وقيل: النازعات: أيدي الرماة إذا مدت القوس للرمي، عن أبي مسلم. وقيل: النازعات ملك الموت وأعوانه، عن الكلبي.

  «غَرْقًا» يعني إغراقًا أي إبعادًا في النزع ومبالغة فيه كما يغرق النازع في القوس: إذا بلغ به غاية المد. وقيل: أراد المبالغة في نزع النجوم. وقيل: أراد نَفَسَهُ في صدره عند الموت والمبالغة فيه.

  «وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا» قيل: الملائكة تنشط بأمر الله إلى حيث كان، عن ابن عباس.

  وقيل: الملائكة تقبض روح المؤمن برفق كأنه أنشط من عقال؛ أي حل العقال عن يد