قوله تعالى: {والنازعات غرقا 1 والناشطات نشطا 2 والسابحات سبحا 3 فالسابقات سبقا 4 فالمدبرات أمرا 5 يوم ترجف الراجفة 6 تتبعها الرادفة 7 قلوب يومئذ واجفة 8 أبصارها خاشعة 9 يقولون أإنا لمردودون في الحافرة 10 أإذا كنا عظاما نخرة 11 قالوا تلك إذا كرة خاسرة 12 فإنما هي زجرة واحدة 13 فإذا هم بالساهرة 14}
  وقتادة، وعطاء بن الساش)، وأبي علي، وجماعة. وقيل: ينزلون بالتدبير والأحكام، فكأنها المدبرة. وقيل: التدابير إلى أربعة: جبريل، وإليه تدبير الرياح والجنود، وميكائيل: وإليه تدبير المطر والنبات، وملك الموت، وإليه قبض الأرواح، وإسرافيل ينزل بالأمر عليهم. وذكر أبو مسلم أن المراد بـ (الْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا) المعقبات أمرًا عند لقاء العدو وهو النصر والفتح؛ أي: تأتي بالنصر بعد هذه الأفعال، وهو نزع السهام، وسبح الخيل، وسبقها إلى الأمر الذي هو النصر، وهاهنا موضع جواب القسم تقديره: برب هذه الأشياء لتبعثن، فكأنه قيل: متى يكون ذلك؟ فقال سبحانه: {يَومَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} أي: يضطرب المضطرب {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} المتَّبَعَ قيل: هو النفخة الأولى التي يتزلزل لها كل شيء وشحرك، وتتبعها الرادفة وهي النفخة الأخيرة، وبينهما أربعون سنة. وقيل: هما نفختان؛ أي: صيحتان، أما الأولى فتميت الأحياء، وأما الثانية فتحيي الموتى بإذن الله، عن الحسن، وقتادة. وقيل: {تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} تتزلزل الأرض والجبال {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} تنشق السماء {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}[الحاقة: ١٤] عن مجاهد. وقيل: الراجفة: القيامة، والرادفة: البعث. وقيل: الراجفة:
  الموت، والرادفة: الساعة، عن ابن زيد. وقيل: الراجفة: الأرض تضطرب وتزلزل، والرادفة: زلزلة تتبع هذه الأولى فينقطع بذلك، عن أبي علي. وقيل: هي اضطراب عسكر الكفار، سبقت إحداهما يوم أحد، والرادفة تتبع الأولى يوم الخندق. وقيل: هما طائفتان من المشركين قاتلا رسول الله ÷ والمؤمنين في حرب أحد، فسبقت إحداهما الأخرى، وفي حربين جاءت الثانية عقيب الأولى، عن أبي مسلم. والأولى أن المراد اضطراب الأرض، كقوله: {إذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا}[الواقعة: ٤].
  {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} قيل: خائفة، عن ابن عباس. وقيل: وجلة. وقيل: زائلة عن أماكنها، عن السدي. وقيل: مسودة، عن قطرب. وقيل: مضطربة، عن أبي علي، وأبي مسلم، والمبرد. واختلفوا في هذا اليوم، فالأكثر على أنه يوم القيامة، وقيل: يوم أُحُد والخندق أو غيره من غزاوت النبي ÷، قلوب المنافقين مضطربة من الخوف لما وأت خيل العدو أقبلت، وجاءت الرادفة جبنًا وضعفًا وقلة بصيرة من حيث لم يكونوا مؤمنين بنصر اللَّه، عن أبي مسلم.