التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فأما من طغى 37 وآثر الحياة الدنيا 38 فإن الجحيم هي المأوى 39 وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى 40 فإن الجنة هي المأوى 41 يسألونك عن الساعة أيان مرساها 42 فيم أنت من ذكراها 43 إلى ربك منتهاها 44 إنما أنت منذر من يخشاها 45 كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها 46}

صفحة 7276 - الجزء 10

  و (أيان) معناه: متى، وكثر استعماله في السؤال عن الزمان، ونظيره في السؤال عن المكان (أين).

  والإرساء: الثبوت، رست السفينة ترسو رُسُوًّا، فهي راسية، والمرسى: قيامها ثابتة، ويحتمل أن يكون [المراد به] المرسى المصدر، يجوز أن يكون وقت الإرساء، يقال: أرسيت إرساء ومرسى، كقولهم: أجريب إجراء ومجرى.

  والمنتهى: موضع بلوغ الشيء.

  · الإعراب: قوله: {الْمَأْوَى} لم تذكر هاء الإضافة؛ لأن ذكر الفعل عقيب السبب يدل على أنه متعلق به، فأغنى عن الإضافة، وقيل: الألف واللام زائدتان، والهاء زيادة تمنع من إلحاق زيادتين به، وقيل: الألف واللام بدل من المضمر، كقوله: مررت برجل حَسَنِ الوجه.

  · النزول: قيل: قالوا لرسول الله ÷: قد أكثرت من ذكر القيامة، فمتى يكون ذلك؟ فنزلت الآيات.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أحوال الناس يوم القيامة، فقال سبحانه: «فَأَمَّا مَنْ طَغَى» أي: جاوز الحد في العصيان «وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا» أي: اختارها فعمل لها، وتمتع بملاذها، ولم يعمل للآخرة «فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى» أي: المرجع لأولئك «وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ» قيل: مقامه للعرض والحساب، وأضاف إلى الرب؛ لأنه الآمر به، والحكم إليه، والمقام: هو مقام العرض للجزاء والانتصاف من الظالم للمظلوم، وقيل: مقامه في كونه عالما بكل معلوم «وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى» أي: امتنع عن ارتكاب المعاصي مع