التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {عبس وتولى 1 أن جاءه الأعمى 2 وما يدريك لعله يزكى 3 أو يذكر فتنفعه الذكرى 4 أما من استغنى 5 فأنت له تصدى 6 وما عليك ألا يزكى 7 وأما من جاءك يسعى 8 وهو يخشى 9 فأنت عنه تلهى 10 كلا إنها تذكرة 11 فمن شاء ذكره 12}

صفحة 7281 - الجزء 10

  {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} الكناية تعود إلى السورة، وقيل: إلى الآية، وقيل: إلى القصة.

  {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} الكناية إما أن تعود إلى القرآن، وإما إلى الذكر.

  · النزول: قيل: نزلت الآيات في عبد الله بن أم مكتوم أتى رسول الله ÷، وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأُبّي بن خلف وأمية بن خلف، يدعوهم إلى الله، ويرجو إسلامهم، فقال: يا نبي الله، عَلِّمْني مما علمك الله، وجعل يناديه، ويكرر النداء، ولا يعلم ما هو منشغل به حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله ÷ لقطعه كلامه، وقال في نفسه: «يقول هَؤُلَاءِ الصناديد إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد»، فأعرض عنه، وأقبل على القوم يدعوهم، فأنزل الله تعالى هذه الآيات، فكان رسول الله ÷ بعد ذلك يكرمه، وإذا رآه قال: «مرحبًا بمن عاتبني ربي فيه»، ويقول: «هل لك من حاجة»، واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين، عن الحسن، وجماعة، وكان مؤذنه وخليفته على الصلاة، قال أنس: رأيته يوم القادسية، عليه درع، ومعه راية سوداء. قال ابن زيد: كان يقال: لو كتم رسول الله ÷ شيئًا من الوحي لكتم هذا.

  وقيل: الأعمى ابن أم مكتوم، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد.

  وقيل: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} نزلت في عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، عن مجاهد. وقيل: نزلت في العباس، عن سفيان.

  وليس في ظاهر الآية ما يدل على أنه نزل في رسول الله ÷، ولا تواترت به الأخبار، وإنما روي في الآحاد.

  وقوله: {عَبَسَ} يجوز أن يكون غيره، وهو الظاهر، حيث لم يخاطبه به.