قوله تعالى: {عبس وتولى 1 أن جاءه الأعمى 2 وما يدريك لعله يزكى 3 أو يذكر فتنفعه الذكرى 4 أما من استغنى 5 فأنت له تصدى 6 وما عليك ألا يزكى 7 وأما من جاءك يسعى 8 وهو يخشى 9 فأنت عنه تلهى 10 كلا إنها تذكرة 11 فمن شاء ذكره 12}
  قال المرتضى: ومن نظر في أخلاق رسول الله ÷ مع المسلمين ومعاشرته لهم تبين أن الآية نزلت في غيره.
  ومتى قيل: هل كان التعبيس ذنبًا إن صح الخبر؟
  قلنا: التعبيس والانبساط مع الأعمى سواء، ولا يشق عليه، فلم يكن ذلك ذنبًا، وإنما ذكر الله تعالى تأديبًا له ÷؛ ليأخذ نفسه بأوفر محاسن الأخلاق.
  ومتى قيل: إن لم يكن ذنبًا فلماذا عاتبه؟
  قلنا: لما بَيّنَّا؛ ليأخذ بمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، ونبه بذلك على عظم حال المؤمن المسترشد، ولئلا يؤدي إلى التنفير؛ لأنه كما يجب تأليف المشرك ليسلم يجب تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه، ولئلا يعود إلى مثله، فيصير عادة له.
  ومتى قيل: هل كان سوء أدب من السائل؟
  قلنا: لا؛ لأنه لم يعلم الحال، ولو علم لما ألح.
  ومتى قيل: فلماذا قال بلفظ الماضي؟
  قلنا: صان نبيه أن يقول: عَبَسْتَ وَتَوَلَّيْتَ؛ لأنه بالتوبيخ أشبه، وهذا بالتأديب والعتاب أشبه.
  · المعنى: {عَبَسَ} أي: بسر وقطب {وَتَوَلَّى} أعرض عنه بوجهه {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} أي: لا تدري {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} يتطهر بالأعمال الصالحة، والتجنب من الذنوب والقبائح {أَوْ يَذَّكَّرُ} أي: يذكر آيات الله، فينفعه ذلك الذكر، وقيل: {أَوْ يَذَّكَّرُ} أي: يتعظ {فَتَنْفَعَهُ} الموعظة، عن ابن عباس، وابن زيد. {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} هذا عتاب حين اششغل بالأغنياء عن الفقراء، واستغنى: أثرى وصار غَنيًّا ذا مال وجاه {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} قيل: تتعرض له، وتصغي إلى كلامه، وتقبل عليه بوجهك، وتعرض عن الفقير، وقيل: تصدى من الصدى، وهو الصوت؛ أي: تخاطبه. {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} أي شيء يلزمك إن لم يسلم، ولم يتطهر من الكفر؟! وقيل: معناه