التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {في صحف مكرمة 13 مرفوعة مطهرة 14 بأيدي سفرة 15 كرام بررة 16 قتل الإنسان ما أكفره 17 من أي شيء خلقه 18 من نطفة خلقه فقدره 19 ثم السبيل يسره 20 ثم أماته فأقبره 21 ثم إذا شاء أنشره 22 كلا لما يقض ما أمره 23}

صفحة 7286 - الجزء 10

  وقيل: فيمن كان يستدعيه النبي، ÷، وهم الَّذِينَ تقدم ذكرهم في أول السورة.

  وقيل: أراد جنس الإنسان، عن أبي مسلم. قال مجاهد: ما أحد يأتي على جميع ما فرض الله عليه، والصحيح أنه في الكفار لاستحالة ذم المؤمنين.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى عقيب ذكر القرآن عظم محله، فقال سبحانه: «فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ» أي: كتب معظمة عند الله. قيل: تعظمها الملائكة لما فيها من العلم والحكمة. وقيل: معظمة عند المؤمنين. واختلفوا في تلك الصحف، قيل: اللوح المحفوظ. وقيل: الصحف التي في السماء، عن أبي علي. وقيل: كتب الأنبياء المنزلة عليهم كقوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى}⁣[الأعلى: ١٨]، وقيل: أراد الكتب التي فيها القرآن، عن أبي مسلم. «مَرْفوعةٍ» رفيعة القدر عند الله تعالى. وقيل: مرفوعة إلى السماء الرابعة.

  «مُطَهَّرَةٍ» قيل: هو الوحي الخالص لا يشوبه شيء غيره، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ٤١ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣[فصلت: ٤١ - ٤٢].

  عن أبي مسلم. وقيل: مطهرة عن أن تنالها أيدي الطغاة والكفار، مصونة عنها، عن أبي علي؛ لأنها في أيدي الملائكة في أعز مكان. وقيل: مطهرة عن كل دنس. وقيل: مطهرة عن الشك والشبهة والتناقض. «بِأَيْدِي سَفَرَةٍ» قيل: الكتبة، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: الملائكة. وقيل: القراء، عن قتادة. وقيل: الملائكة الَّذِينَ هم السفراء بالوحي بين الله تعالى، وبين رسله، وهو قول الأكثر. وقيل: حملة الكتب، عن أبي مسلم. وقيل: هم أصحاب محمد، عن وهب. وقيل: هم الأنبياء والمؤمنون، كأنه قيل: آخذ الكتاب وحملته كرام بررة، عن أبي مسلم أيضا. «كِرَامٍ» أي: أفاضل لهم خصال محمودة. «بَرَرَةٍ» أبرار، أي: فاعلو البر.

  ثم عاد الكلام إلى المكذبين بهذا الكتاب، فقال سبحانه: «قُتِلَ الإِنْسَانُ» قيل: لعن الإنسان، وهو الكافر، عن مجاهد. وقيل: دعاء عليه؛ أي: قاتله الله فما أكفره وما أسوأ صنيعه، عن أبي مسلم. وقيل: أمر بالدعاء عليه؛ أي: قوله: قاتله الله، وقيل: معناه عذَّبه اللَّه، وانتقم منه، عن أبي علي «مَا أَكْفَرَهُ» قيل: هو (ما) الاستفهام،