التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه 24 أنا صببنا الماء صبا 25 ثم شققنا الأرض شقا 26 فأنبتنا فيها حبا 27 وعنبا وقضبا 28 وزيتونا ونخلا 29 وحدائق غلبا 30 وفاكهة وأبا 31 متاعا لكم ولأنعامكم 32 فإذا جاءت الصاخة 33 يوم يفر المرء من أخيه 34 وأمه وأبيه 35 وصاحبته وبنيه 36 لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه 37 وجوه يومئذ مسفرة 38 ضاحكة مستبشرة 39 ووجوه يومئذ عليها غبرة 40 ترهقها قترة 41 أولئك هم الكفرة الفجرة 42}

صفحة 7291 - الجزء 10

  الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ» أي: ما يطعمه من الأطعمة الشهية اللذيذة، وكيف خلقها الله تعالى، وكيف هيأ بالرزق عباده، وكيف دبر كل واحد على أحسن التدبير في طعمه ورائحته ومنافعه ومضاره. وقيل: فلينظر إلى طعامه أي: مدخله ومخرجه، عن مجاهد. وعن الحسن عن الضحاك والكلابي أن النبي ÷ قال له: «يا ضحاك، ما طعامك»؟ قال: يا رسول الله، اللحم واللبن. قال: «ثم تصير إلى ماذا»؟ قال: إلى ما قد علمت. قال: «فإن الله تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلاً للدنيا».

  «أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا» أي: أنزلنا الغيث من السحاب إنزالاً، يحتمل أنه يريد المطر، ويحتمل سائر المياه؛ لأن الله تعالى هو الذي يخرجها. «ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا» ليخرج النبات مع ضعفه، فيرسخ عرقه ويظهر فرعه.

  ومتى قيل: كيف تنشق الأرض؟

  قلنا: يحتمل وجهين:

  أحدهما: أنه تعالى يشققها بأن يفرق بين أجزائها، ويخرج الزرع منها.

  وثانيها: أنه يجعل في أجزاء النبات اعتمادات تخرج أجزاء الأرض، فيكون شق الأرض منه بالنبات والاعتمادات التي فيها.

  فعلى الوجه الأول هو فعله بغير سبب، وعلى الثاني فعله بسبب.

  «فَأَنْبَتْنَا» أي: أخرجنا النبات بأن خلقناه «فِيهَا» في الأرض «حَبًّا» أراد جنس الحبوب التي تدخر وتقتات «وعِنَبًا» خص العنب لكثرة منافعه فيها من العنب «وَقَضْبًا» قيل: الرطبة، عن ابن عباس، والضحاك، والفراء، وأبي مسلم. وقيل: القضب: العلف، عن الحسن، وأبي علي. يعني أقوات النعم. «وَزَيْتُونًا» الذي منه الزيت، وخصه بالذكر لعظم النفع به وما يتخذ منه والعبرة التي فيه «وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا»