قوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه 24 أنا صببنا الماء صبا 25 ثم شققنا الأرض شقا 26 فأنبتنا فيها حبا 27 وعنبا وقضبا 28 وزيتونا ونخلا 29 وحدائق غلبا 30 وفاكهة وأبا 31 متاعا لكم ولأنعامكم 32 فإذا جاءت الصاخة 33 يوم يفر المرء من أخيه 34 وأمه وأبيه 35 وصاحبته وبنيه 36 لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه 37 وجوه يومئذ مسفرة 38 ضاحكة مستبشرة 39 ووجوه يومئذ عليها غبرة 40 ترهقها قترة 41 أولئك هم الكفرة الفجرة 42}
  «وَحَدَائِقَ غُلْبًا» أي: بساتين محوطة تشتمل على أشجار عظام غلاظ مختلفة. وقيل: «غُلْبًا» ملتفة، عن مجاهد. وقيل: طوالاً، عن ابن عباس. وقيل: الغلب: النخل الكرام، عن قتادة. وقيل: عظام الجذوع والرقاب، عن ابن زيد. «وَفَاكِهَةً» سائر أنواع ما يتفكه به.
  ومتى قيل: لِمَ عطف الفاكهة على ما تقدم، وهو فاكهة؟
  قلنا: قيل: ليس ذلك بفاكهة، وقيل: ذكر بعضها لفضله، ثم ذكر جملتها.
  «وَأَبًّا» قيل: المرعى للأنعام كالفاكهة للناس، وقيل: الحشيش والمرعى، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد. وقيل: الأَبُّ: النبات، عن أبي رزين.
  وقيل الثمار الرطبة، عن ابن عباس. وقيل: هو التين، عن الضحاك. «مَتَاعًا» أي: منفعة «لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ».
  «فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ» أي: القيامة، عن ابن عباس. سميت بذلك؛ لأنها تصخ الأسماع؛ أي: تبالغ في إسماعها حتى كادت تصمها. وقيل: تصك الأصوات الهائلة الآذان. وقيل: هي النفخة الثانية التي يحيا عندها الناس، عن الحسن؛ لأنها يصخ لها الخلق؛ أي: يستمع.
  {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ}، أي: زوجته، وأصله اللزوم، ومنه أصحاب النبي ÷ «وَبَنِيهِ» فهَؤُلَاءِ أقرب الناس إليه، وكان يعنى بشأنهم، فيومئذ لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه. وقيل: حذرًا من مطالبتهم إياه لما بينه وبينهم من التبعات والمظالم. وقيل: لعلمه بأنهم لا ينفعون، ولا يغنون عنه شيئًا، ولا هو ينفعهم، وليس ثم فِرارٌ، وإنما أراد لا يلتفت أحد إلى أحد، ولا يغني أحد عن أحد شيئًا. وقيل: يحتمل أن يكون مؤمنا وعشائره من أهل النار، فيعاديهم، ولا يلتفت إليهم. وقيل: يفر عنهم لما ظهر من عجزهم وضعفهم إلى من يملك كشف الكروب، ولو ظهر ذلك في الدنيا لما انقطع إلا إلى ربه. وقيل: يفر لئلا يرى ما ينزل بهم من الهوان. وقيل: ضجرًا لعظم ما نزل به. وقيل: يفر إبْرَاهِيم من أبيه، والنبي ÷ من