التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذا الشمس كورت 1 وإذا النجوم انكدرت 2 وإذا الجبال سيرت 3 وإذا العشار عطلت 4 وإذا الوحوش حشرت 5 وإذا البحار سجرت 6 وإذا النفوس زوجت 7 وإذا الموءودة سئلت 8 بأي ذنب قتلت 9 وإذا الصحف نشرت 10 وإذا السماء كشطت 11 وإذا الجحيم سعرت 12 وإذا الجنة أزلفت 13 علمت نفس ما أحضرت 14}

صفحة 7299 - الجزء 10

  تكون لجج البحار ورؤوس الجبال بمنزلة، عن الحسن، والضحاك. وقيل: جعل ماؤها شرابًا يُعذَّب بها أهل النار. وقيل: بحار في جهنم من الحميم يعذبون فيها، عن أبي علي. وقيل: فاضت، عن الربيع بن خثيم. وقيل: ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة، عن قتادة. وقيل: يتفجر بعضها في بعض؛ العذب في المالح والمالح في العذب، فصار الكل بحرا، ويرتفع البرزخ، عن مجاهد، ومقاتل، والضحاك.

  وذكر أبو مسلم معاني:

  أحدها: أنه يتغير لون ماء البحار، فيصير أحمر من قولهم: عين سجراء:

  محمرة، وهو أن يخالط بياضها حمرة.

  وثانيها: يسجره بشدة الحر كما يسجر التنور، إذا أوقدته.

  وثالثها: يختلط العذب والمالح ولا يتميز بعضه من بعض. والتسجير:

  الخلط، قال: وكلُّ محتملٌ، وزيف قولهم: ملئت. لأنها مملوءة في الدنيا. وعلى ما ذكره الحسن لا يتوجه هذا الاعتراض، ويُقال: بحر مسجور: مملوء.

  «وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ» قيل: قرن كل إنسان بشكله من أهل الجنة أو أهل النار، عن عمر، وابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والأصم، روي ذلك مرفوعًا.

  وقيل: «زُوِّجَتْ» ردت الأرواح إلى الأجساد، فتصير أحياء، عن عكرمة، والشعبي، وأبي مسلم. وقيل: يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان، عن أبي علي.

  وقيل: زُوِّجَتْ نفوس المؤمنين بالحور العين، والكفار بالشياطين، عن مقاتل. وقيل:

  زُوِّجَتْ النفوس بأعمالها.

  «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ» يعني الجارية المدفونة حية المقتولة، قيل: كانوا إذا ولدت أمة فأراد قتلها حفر لها قبرًا، ثم يقول لأمها: زينيها وطيبيها لأذهب بها إلى أحمائها، ثم يذهب بها، فيضعها في الحفرة، ويهيل التراب عليها. وقيل: كانت المرأة إذا جاء وقت ولادتها حفرت حفرة وقعدت على رأسها، فإن ولدت بنتًا دفنتها في الحفرة، وإن ولدت غلامًا حبسته، عن ابن عباس. قال الشاعر: