قوله تعالى: {إذا الشمس كورت 1 وإذا النجوم انكدرت 2 وإذا الجبال سيرت 3 وإذا العشار عطلت 4 وإذا الوحوش حشرت 5 وإذا البحار سجرت 6 وإذا النفوس زوجت 7 وإذا الموءودة سئلت 8 بأي ذنب قتلت 9 وإذا الصحف نشرت 10 وإذا السماء كشطت 11 وإذا الجحيم سعرت 12 وإذا الجنة أزلفت 13 علمت نفس ما أحضرت 14}
  سَمَّيْتُهَا إِذْ وُلِدَتْ تَمُوتُ ... وَالْقَبْرُ صِهْرٌ ضَامِنٌ زِمِّيتُ قال قتادة: كانوا يقتلون البنات، ويغذون الكلاب، فأوعدهم الله على ذلك، وفي ذلك يقول الفرزدق يفتخر:
  وَمِنَّا الَّذي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ ... وَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ «سألت» معنى تسأل الموءودة: لماذا قتلت، ولا ذنب لها؟! وهذا سؤال توبيخ للقاتل، ونظيره قوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ}[المائدة: ١١٦] فإنما هو توبيخ للنصارى، وهذا أبلغ في التوبيخ. وقيل: «سُئِلتْ» طولب قاتلها بحجة من قتلها، ويسأل عنها وعن سبب قتلها، تظيره قوله: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الاسراء: ٣٤] أي: مسؤولاً عنه، عن أبي مسلم. كأنه قيل: الموءودة سئلت قتلها «بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» هذه، والكناية عنها أظهر.
  «وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ» أي: كتب أعمالهم تنشر ليقرأها صاحبها، وليظهر الأعمال، فيجازَى بقدرها «وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ» قيل: قلعت عن أماكنها ونزعت وشققت. وقيل: تكشط الشمس والقمر والنجوم من السماء، عن الأصم. وقيل: تفنى، عن أبي علي.
  «وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ» قيل: أوقدت حتى ازدادت شدة على شدة. وقيل: سعرت من خلقه، عن الحسن. فإن صح فهو لطف للملائكة، والخبر عنه لطف لنا. وقيل: ستخلق وتسعر يوم القيامة. وقيل: سَعَّرَها غضب الله وخطايا بني آدم، عن قتادة. يعني سعرت لذلك «وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ» أي: قربت بما فيها من النعيم، فيزداد المؤمنون سرورًا وأهل النار حسرة. وقيل: قربت من أهلها للدخول «عَلِمَتْ» عند ذلك كل «نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ» من خير أو شر، ومعناه: علمت كل نفس ما عملت ووجب جزاؤها؛ لأن الأعمال لا يصح عليها الإحضار. وقيل: تحضر صحائف الأعمال.
  وقيل: «أَحْضَرَتْ» معناه: وجدها حاضرة كقولهم: أَحْمَدْتُهُ: وَجَدْتهُ محمودًا. وقيل: