التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس 15 الجوار الكنس 16 والليل إذا عسعس 17 والصبح إذا تنفس 18 إنه لقول رسول كريم 19 ذي قوة عند ذي العرش مكين 20 مطاع ثم أمين 21 وما صاحبكم بمجنون 22 ولقد رآه بالأفق المبين 23 وما هو على الغيب بضنين 24 وما هو بقول شيطان رجيم 25 فأين تذهبون 26 إن هو إلا ذكر للعالمين 27 لمن شاء منكم أن يستقيم 28 وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين 29}

صفحة 7302 - الجزء 10

  وهي في جزء ابن مسعود بالظاء، وهي قراءة ابن مسعود، وابن عباس، والسلمي، وعروة بن الزبير، واختاره أبو عبيدة قال: لأنهم اتهموه، ولم يبخلوه، ومعنى (ظنين) متهم، ولأن العرب تقول: ما هو بظنين بكذا، ولا يقولون: على كذا.

  وقرأ الباقون أبو جعفر ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة ويعقوب {بِضَنِينٍ} بالضاد، وهي قراءة زيد بن ثابت، والحسن، وابن عمر، وأشهب العقيلي، وروي عن ابن عباس، وهي في مصحف أُبَيٍّ بالضاد، واختاره أبو حاتم، أي: ببخيل.

  أما الضاد من قولهم: ضَنِنْتُ بالشيء بكسر النون أَضَنُّ به ضِنًّا فهو ضَنِينٌ، أي: بخيل، ومعناه: يؤدي إليكم الوحي، ويعلمكم، ولا يبخل به عليكم.

  وأما الظاء فهو فعيل من الظِّنَّةِ، والظنة: التُّهَمَة، يقال: فلان ظنين، أي متهم، يعني أنه ليس بمتهم فيما يؤدي؛ لأنه الصادق الصدوق، وقيل: ظنين: ضعيف، حكاه الفراء والمبرد، يقال: رجل ظنين، أي: ضعيف.

  · اللغة: الخُنَّسُ: جمع خانس، وأصله: الستر، وسمي النجوم خُنَّسًا؛ لأنها تستر بالمغيب، وقال قوم: لأنها تخفى بالنهار، والخنس: الذهاب في خفية، وخنس الرجل: تأخر، وأنا خنسته أي: أخرته، كأنه ستره، والخنس في الأنف: انحطاط القصبة، والبقر كلها خَنْسٌ، والشيطان خَنَّاسٌ؛ لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى، أي: يذهب، ويستتر.

  والجواري: جمع جارية، وهي ما يجري، ومنه قيل للسفينة: جارية، والنجوم الجواري في مطالعها ومغاربها، والجارية: المرأة الشابة؛ لأنه يجري فيها ماء الشباب.

  والكنّس: جمع الكانس، وجمع الكُنَّس الكوانس، وهي جمع الجمع، والكنس الغيب في مثل الكناس، وفي كِنَاسُ الطير والوحش: بيت يتخذه، ويختفي فيه، والكانس: الظبي في كِنَاسِهِ بكسر الكاف، والكُنَّسُ: الكواكب تَكْنِسُ في بروجها كالظباء تدخل في كناسها، قال أبو عبيدة: لأنها تكنس في المغيب.

  وعسعس الليل: إذا أقبل من أوله وأظلم، وعسعس: إذا أدبر، وهو من الأضداد، قال الشاعر: