التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس 15 الجوار الكنس 16 والليل إذا عسعس 17 والصبح إذا تنفس 18 إنه لقول رسول كريم 19 ذي قوة عند ذي العرش مكين 20 مطاع ثم أمين 21 وما صاحبكم بمجنون 22 ولقد رآه بالأفق المبين 23 وما هو على الغيب بضنين 24 وما هو بقول شيطان رجيم 25 فأين تذهبون 26 إن هو إلا ذكر للعالمين 27 لمن شاء منكم أن يستقيم 28 وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين 29}

صفحة 7303 - الجزء 10

  حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ لَهَا تَنَفَّسَا ... وَانْجَابَ عَنْهَا لَيْلُهَا وعَسْعَسَا

  والعَسُّ: طلب الشيء بالليل، ومنه أخذ العسعس، وهو الساري بالليل، واحده:

  عاسٌّ، نحو: حَارِسٍ وحَرَسٍ، والعسعاس: الذئب؛ لأنه يَعُسُّ بالليل، والعُسُّ: قدح عظيم من خشب أو غيره، وجمعه: عِسَاسٌ بكسر العين، وأصله: امتلاء الشيء بما فيه، فقدح اللبن من شأنه أن يمتلئ به، ويمتلئ الليل بظلامه، وأصله: عَسَّ، ثم ضوعف كصر وصرصر، وصل وصلصل، وتقول العرب: عسعس الليل وسعسع، قال رؤبة:

  يَا هِنْدُ مَا أسْرَعَ مَا تَسَعْسَعا ... مِنْ بَعْدِ أَنْ كَانَ فَتًى تَرْعَرَعَا

  التنفس: خروج النسيم من الجوف، وأصله: امتداد هواء الجوف بالخروج عن الأنف والفم، وتنفس الصُّعَداء، وتنفس الصبح: امتداد ضوئه.

  والأفق: ناحية من السماء، قال: هو كالنجم في الأفق، وهو ينظر في آفاق السماء.

  · النزول: قيل: لما نزل قوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} قال أبو جهل وكفار قريش:

  خَيَّرَنا محمد في الاستقامة إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، وأرادوا مخالفة النبي ÷، فأنزل الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ} يعني الذي وكل إليكم المشيئة، وسهل لكم سبلها هو الذي يشاء أن تستقيموا.

  · المعنى: ثم أكد ما تقدم بالقسم، فقال سبحانه: «فَلاَ أُقْسِمُ» قيل: معناه: أقسم، و (لا) صلة وزيادة، وقيل: هو كقولهم: لا والله لا أفعل ذلك، وقيل: نفي القسم لظهور الأمر فيه؛ لأن القسم إنما يذكر ليظهر، فأما إذا كان من الظهور بحيث لا يخفى فلا يحتاج في إثباته إلى القسم، فكأنه قيل: لا أقسم بهذا؛ لظهور أمره، وذلك يكون