قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس 15 الجوار الكنس 16 والليل إذا عسعس 17 والصبح إذا تنفس 18 إنه لقول رسول كريم 19 ذي قوة عند ذي العرش مكين 20 مطاع ثم أمين 21 وما صاحبكم بمجنون 22 ولقد رآه بالأفق المبين 23 وما هو على الغيب بضنين 24 وما هو بقول شيطان رجيم 25 فأين تذهبون 26 إن هو إلا ذكر للعالمين 27 لمن شاء منكم أن يستقيم 28 وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين 29}
  بوجهين: إما أن يكون القسم به ظاهرًا بينًا، فينبه الله عباده ليتكاملوه لدلائل التوحيد، أو تعظيمًا للمقسم به، فيكون تنبيهًا على تعظيمه كقولهم: لا أقسم بهذا البلد، وهاهنا القسم بالخنس لا يحتاج إليه لطول تردده على أعين الناظرين، ومن تأمله علم أن لها مدبرًا أجراها وأنشأها، وجعل فيه النور والضياء، وأنها محدثة، فمع ظهور هذا لا يحتاج إلى قسم، عن أبي مسلم. وقيل: معناه: أقسم بهذه الأشياء لما فيها من دلائل التوحيد. وقيل: أقسم برب الخنس، عن أبي علي. «بِالْخُنَّسِ» قيل: الخنس: النجوم، عن أمير المؤمنين، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وأبي علي، وأبي مسلم. لأنها تبدو بالليل وتخنس بالنهار، وقيل: تخنس في مغيبها بعد طلوعها، وقيل: هي بقر الوحش، عن ابن مسعود، وإبراهيم، وجابر بن زيد. وقيل: هي الظباء، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك. وقيل: القسم بالنجوم الخمسة: بهرام، وزحل، والمشتري، وعطارد، والزهرة، عن علي. «الْجَوَارِ» قيل: النجوم الجاريات في الفلك، وقيل: الوحوش «الْكُنَّسِ» قيل: الغيب المتسترة بكناسها، أي: بروجها، وسئل أمير المؤمنين عن هذه الآية فقال: الخنس: الأنجم التي تجري في الفلك، والكنس: مسقطهن إذا سقطن، وهي الجواري تجري «وَاللَّيلِ إِذَا عَسْعَسَ» قيل: أدبر بظلامه، عن أمير المؤمنين، وعن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. وقيل: أقبل بظلامه، عن الحسن، ومجاهد. وقيل: أظلم، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم. «وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ» إذا أسفر وأضاء، وقيل: امتد وارتفع «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ» هذا موضع القسم، يعني المتلو من القرآن وحي من الله أنزله على لسان «رَسُولٍ» يعني جبريل، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: عنى محمدًا ÷ أتى به من عند الله، وإنما أضاف القول إليه؛ لأنه المبلغ والمؤدي بأمر اللَّه، فأضافه إليه توسعًا. وإن كان كلام الله تعالى، عن أبي مسلم. وقيل: لأنه قال لجبريل: ائت محمدًا، وقل له كذا، وقيل: أضافه إليه؛ لأنه سمع منه ومن جهته، عن أبي عليٍّ. «كَرِيمٍ» قيل: كريم على ربه، وقيل: كريم بكثرة فضائله