التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس 15 الجوار الكنس 16 والليل إذا عسعس 17 والصبح إذا تنفس 18 إنه لقول رسول كريم 19 ذي قوة عند ذي العرش مكين 20 مطاع ثم أمين 21 وما صاحبكم بمجنون 22 ولقد رآه بالأفق المبين 23 وما هو على الغيب بضنين 24 وما هو بقول شيطان رجيم 25 فأين تذهبون 26 إن هو إلا ذكر للعالمين 27 لمن شاء منكم أن يستقيم 28 وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين 29}

صفحة 7306 - الجزء 10

  المحجة واضحة والجادة بينة، أين علماؤكم يذهبون بكم فتتمسكون بما لا يصح، ولا يعقل، فتمسكوا بالقرآن «إِنْ هُوَ» يعني القرآن «إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ» أي: يذكر الخلق ما يحتاجون من أمر دينهم «لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ» قيل: أن يستقيم على أمر الله، عن الحسن. «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» فيه أقوال:

  قيل: خطاب للكفار؛ أي: لا تشاؤون إلا أن يشاء الله أن يجبركم عليه، ويلجئكم إليه، وإنما لم يفعل لأنه أراد منهم أن يختاروا الإيمان ليستحقوا الثواب، ولم يرد حملهم على الإيمان، عن أبي مسلم.

  وقيل: ما تشاؤون الاستقامة إلا أن يشاء الله ذلك من قبل، حيث خلقكم لها، ومكنكم فيها، وكلفكم بها، وأزاح علتكم فيها، ومن ثَمَّ يشاء منه الإيمان والاستقامة، لا [يجوز أن] يكلف به، ولا يمكِّن منه، عن أبي علي.

  وقيل: ما تشاؤون إلا أن يشاء الله أن يلطف لكم في الاستقامة لما في الكلام من معنى النعم.

  وقيل: لا تشاؤون الاستقامة إلا أن يشاء الله؛ إذ لو لم يشأ مع التمكين لأباح الكفر.

  قال الحسن: والله ما شاءت العرب الإسلام حتى شاءه الله لهم، فلهذا لم يشأ أحد خيرًا إلا والله قد شاءه وأمره بالطاعة، ونهاه عن خلافه، ووعده ووعيده وزجزه من أدل الدليل أنه شاء الاستقامة.

  «والعالمين»: جماعة الناس.

  · الأحكام: الآيات تتضمن أحكامًا:

  منها: حال هذه الأشياء المقسم بها في عظم محلها من الدلالة على الصانع الحكيم، ومن نعمه بها على عباده.