قوله تعالى: {إذا السماء انفطرت 1 وإذا الكواكب انتثرت 2 وإذا البحار فجرت 3 وإذا القبور بعثرت 4 علمت نفس ما قدمت وأخرت 5 ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم 6 الذي خلقك فسواك فعدلك 7 في أي صورة ما شاء ركبك 8 كلا بل تكذبون بالدين 9 وإن عليكم لحافظين 10 كراما كاتبين 11 يعلمون ما تفعلون 12}
  ثم بَيَّنَ سبب ضلالهم، وهو تكذيبهم بالبعث، فقال سبحانه: «كَلَّا» قيل: لا يليق ذلك، وليس كما ظننتم، وقيل: لا تغتروا فهو يجازيكم، وقيل: حَقًّا إنكم غررتم أنفسكم، وتركتم أمر خالقكم؛ لأنكم تكذبون بالدين «بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ» قيل: بالجزاء والحساب، عن قتادة، ومجاهد، وقيل: بالدين الذي جاء به محمد ÷، وهو الإسلام، عن أبي علي. «وَإنَّ عَلَيكُمْ لَحَافِظِينَ» يعني: إن اغتروا وغفلوا فلا يغفل عنهم، وعليهم حفظة رقباء، يحفظون أعمالهم، وهم الملائكة «كِرَامًا» على الله «كَاتِبِينَ» يكتبون ما يفعلون، ليكونوا شهودًا على الناس، فمن مفتضح بشهادتهم، ومن مسرور بها، «يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ» قيل: يعلمون جميع ما تفعلون بأن يضطرهم الله إلى العلم، وقيل: يعلمون الظاهر والباطن، عن الحسن.
  · الأحكام: تدل هذه الآيات على أشراط القيامة.
  وتدل أن كل نفس تعلم ضرورة جميع ما فعلت.
  وتدل على عظيم إثم من اغتر بِاللَّهِ فعمل بمعاصيه، والغرور قد يكون من جهته، وقد يكون من جهة غيره من شياطين الجن وفسقة الإنس، يزينون له المعاصي، ويهونون عليه أمر القيامة، وقد روي عن يحيى بن معاذ أنه قال: لو قال لي ربي: ما غرك بربك؛ لقلت: غرني بك برُّكَ بي. ورووا عن فضيل: غرني ستورك المرخاة، وهذا لا يصح؛ لأن الغرور لم يكن من جهته تعالى، مع ما قدم من الوعد، والوعيد، والإنكار، ولكن اغتروا على ما بَيَّنَّا بأن لم يعاجلهم الله بالعقوبة، فغرتهم أنفسهم وغيرهم.
  وتدل على أن للعباد حفظة يكتبون أعمالهم، وفيه لطف للمكلفين يمنع عن المعاصي.