التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويل للمطففين 1 الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون 2 وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون 3 ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون 4 ليوم عظيم 5 يوم يقوم الناس لرب العالمين 6 كلا إن كتاب الفجار لفي سجين 7 وما أدراك ما سجين 8 كتاب مرقوم 9 ويل يومئذ للمكذبين 10}

صفحة 7320 - الجزء 10

  · الإعراب: قيل: (على) في قوله: {عَلَى النَّاسِ} بمعنى (مِن)، أي: اكتالوا منهم، وقيل:

  اكتال عليه، واكتال منه، والأول أخذ ما عليه، والثاني استوفى منه.

  و {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ} يحتمل ثلاثة أوجه: النصب على: ذلك يوم يقوم، ويصلح:

  مبعوثون يوم يقوم، فيكون نصبًا على الظرف، والرفع على الاستئناف، والجر على البدل من {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}.

  · النزول: عن ابن عباس (قدم رسول الله ÷ المدينة، وكانوا من أخبث الناس كيلاً، فأنزل اللَّه تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فأحسنوا الكيل).

  وقال القرطبي: كان بالمدينة تجار يطففون، وكان من بياعاتهم كشبه القمار، وهو المنابذة، والملابسة، والمخاطرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقرأها عليهم رسول الله ÷.

  وقال السدي: قدم رسول اللَّه ÷ المدينة، وبها رجل يقال له: أبو جهينة، ومعه صاعان يكيل بأحدهما، ويكتال بالآخر، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

  وقال ابن عباس: يا معشر الأعاجم، إنكم ابتليتم بآيتين بهما هلك من كان قبلكم من القرون المكيال والميزان.

  · المعنى: «وَيْلٌ» قيل: كلمة وعيد، وقيل: شدة العذاب، وقيل: جُبٌّ في جهنم «لِلْمُطَففِينَ» الَّذِينَ يبخسون الناس حقوقهم في الكيل والوزن، وقيل: المطفف من إذا أخذ استوفى، وإذا وفى قصر.

  ثم فسر المطففين، فقال سبحانه: «الَّذِينَ إِذَا اكتَالُوا عَلَى النَّاسِ» أي: كالوا ما على الناس ليأخذوه لأنفسهم، وكال واكتال بمعنى «يَسْتَوْفُونَ» يكيلون تامًّا، ويأخذون تامًا «وَإذَا كَالُوهُمْ» أي: كالوا لهم ليوفر عليهم حقوقهم «أَوْ وَزَنُوهُمْ» أي: وزنوا لهم «يُخْسِرُونَ» ينقصون «أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ» قيل: هذا العجب، عَجَّبَ الله نبيه