التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين 18 وما أدراك ما عليون 19 كتاب مرقوم 20 يشهده المقربون 21 إن الأبرار لفي نعيم 22 على الأرائك ينظرون 23 تعرف في وجوههم نضرة النعيم 24 يسقون من رحيق مختوم 25 ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 26 ومزاجه من تسنيم 27 عينا يشرب بها المقربون 28}

صفحة 7328 - الجزء 10

  والمزج: خلط مائع، على خلاف صفته، كمزج الحار بالبارد، والشراب بالماء، مَزَجَهُ يَمْزُجُهُ مَزْجًا، وامتزج به امتزاجًا، ومازجه ممازجة.

  والعين: عين الماء، وهو الموضع الذي يجري فيه الماء، وقد يسمى الماء بعينه عينًا، عن أبي مسلم.

  · الإعراب: «مِنْ رَحِيقٍ» محله نصب على خبر ما لم يسم. فاعله، تقديره: يسقون هَؤُلَاءِ رحيقًا.

  وفي نصب (عَينًا) وجوه: فقيل: تسنيم اسم معرفة ونظيره: تنعيم اسم جبل، و (عَيْنًا) قطع منها أو حال، وقيل: (تسنيم) مصدر فيجري مجرى {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}⁣[البلد: ١٤]، وقيل: تقديره: يسقون عينًا، وقيل: أعني عينًا نصب على المدح، وقيل: من عين؛ لما حذفت الخافضة نصب.

  · المعنى: لما تقدم حال الفجار عَقَّبه بذكر حال الأبرار، فقال سبحانه: «كَلَّا» قيل: ردع وزجر، أي: لا تكذبوا، فاتصل بقوله: {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}، عن أبي مسلم.

  وقيل: معناه حَقًّا، فاتصل بما بعده، عن أبي علي. «إِنَّ كِتَابَ الأبرَارِ» أي: المؤمنين المخلصين الدين «[لَفِي عِلِّيِّينَ]» يعني: عليين السماء السابعة، وفيها أرواح المؤمنين، عن قتادة، ومجاهد، والضحاك، وكعب. وقيل: عليين: أعلى الأمكنة علوًّا على علو، فهي محل الملائكة، وقيل: عليون صفة للملائكة؛ لذلك جمع بالواو والنون فوصف كتابه أنه عند الملائكة، عن أبي علي. وإنما جعل ذلك بكتابه تعظيمًا لصاحبه، وقيل: تحمل كتبهم وتدفع إلى حملة العرش فيحفظونه، وقيل: «في السماء السابعة تحت العرش»، رواه البراء عن النبي ÷، وقيل: هو لوح من زبرجدة