قوله تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون 29 وإذا مروا بهم يتغامزون 30 وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين 31 وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون 32 وما أرسلوا عليهم حافظين 33 فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون 34 على الأرائك ينظرون 35 هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون 36}
  · النزول: قيل: نزلت الآيات في أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم من مشركي قريش بمكة، كانوا يضحكون من عمار وخباب وصهيب وبلال وغيرهم من فقراء المسلمين، ويستهزئون منهم ومن إسلامهم.
  وقيل: نرلت في علي، جاء إلى رسول الله ÷ في نفر من المسلمين، فسخر منهم المنافقون، وضحكوا وتغامزوا، ثم قالوا لأصحابهم: رأينا اليوم الأصلع، فضحكنا منه، فأنزل الله تعالى هذه الآية قبل أن يصل علي وأصحابه إلى النبي صلى الله عليه، عن مقاتل، والكلبي.
  وقيل: استعمل رسول الله ÷ عليًّا على بني هاشم، فكان إذا مر بهم ضحكوا منه، فنزلت الآية، عن الكلبي.
  · المعنى: لما تقدم ذكر المؤمنين والكافرين، وبيان ما أُعِدَّ لكل واحد، بَيَّنَ بعده استهزاء الكافر بالمؤمن في الدنيا، وَبَيَّنَ حال الكافر في العقبى، وسرور المؤمن، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا» قيل: أشركوا وكفروا فيمن كانوا زمن رسول الله صلى الله عليه «كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا» من أصحابهم «يَضْحَكُونَ» وضحكهم يحتمل وجوهًا:
  منها: أن يكون لقولهم بالإعادة وإحياء العظام الرميمة، وكانوا ينكرون ذلك، ويستبعدون بجهلهم الله تعالى، فكانوا يتعجبون من قولهم، ويضحكون إنكارًا وتعجبًا.
  ومنها: أن يكون ذلك استهزاءً بهم.
  ومنها: لما رأوا من فقرهم، وضعف حالهم.
  ومنها: ما رأوا من جدهم في عباداتهم وكثرة صيامهم وصلاتهم، مع إنكارهم الجزاء والبعث، فكانوا يضحكون لذلك.
  ومنها: لجهلهم وغلوهم في كفرهم أوهموا العوام أنهم على شيء، وأن هَؤُلَاءِ على باطل، فكانوا يضحكون.