قوله تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون 29 وإذا مروا بهم يتغامزون 30 وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين 31 وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون 32 وما أرسلوا عليهم حافظين 33 فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون 34 على الأرائك ينظرون 35 هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون 36}
  «وِإذَا مَرُّوا بِهِمْ» يعني المؤمنين بالمشركين «يَتَغَامَزُونَ» أي: يشير بعضهم إلى بعض بالأعين استهزاء بهم، ويقولون: هَؤُلَاءِ يقولون: إنهم على حق وإنا نبعث، ومحمد يزعم أنه يأتيه الوحي، وأنه رسول الله، ونحو ذلك، «وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ» يعني: إذا رجعوا إلى أهلهم رجعوا فكهين، «وفَاكِهِينَ»، قيل: مسرورين في لعب ونشاط، وغفلة مما يجب عليهم، وقيل: أشرين بطرين، وقيل: معجبين بأنفسهم وحالهم، وقيل: لاعبين لا يكترثون بما فعلوه بالمؤمنين، وما اكتسبوا من الإجرام، عن أبي علي. «وَإِذَا رَأَوْهُمْ» يعني رأوا المؤمنين من أصحاب النبي، ÷ «قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ» عن الحق، يرون ما هم فيه حَقًّا «وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ» قيل: ما كلفوا حفظهم وحفظ أعمالهم، فكيف يطعنون عليهم؟! ولو اشتغلوا بما كلفوا لكان أولى بهم. وقيل: ما أرسلوا عليهم شاهدين؛ لأن شهادة الكفار لا تقبل على المؤمنين، أي: ليسوا شهداء عليهم؛ بل المؤمنون شهداء على الكفار، عن أبي مسلم. وقيل: ما سلطوا عليهم حتى يتبعوهم ويحفظوا عليهم أعمالهم. وقيل: لا يطلعون على ما في ضمائرهم، فكيف يرسلهم حفظة؛ وإنما هم من رتبة الملائكة {فَالْيَوْمَ} يعني: يوم القيامة، والألف واللام للعهد {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} لأنهم كانوا أعداء المؤمنين، فكان سرور المؤمنين في تعذيب أولئك الكافرين. وقيل: يضحكون منهم، ويذكرون ما كان منهم في الدنيا وحماقاتهم في عبادتهم الأوثان وتكذيبهم الرسول، واعتقاداتهم الفاسدة بأن يقولوا: كنتم تقولون كذا، ويضحكون. وقيل: يضحكون من مباينة الحالين. وقيل: يفتح لهم باب إلى الجنة فإذا دخلوا أغلق دونهم، يفعل ذلك ثوابًا، والمؤمنون يضحكون منهم {عَلَى الْأَرَائِكِ} الأماكن المرتفعة والأسرة المعروشة {يَنظُرُونَ} قيل: إلى النعم التي أعطاهم الله تعالى. وقيل: إلى أعدائهم كيف يعذبون. وقيل: ينتظرون مثل ما هم فيه حَالاً بعد حال. وقيل: النظر الأول نظر إلى النعم؛ لأنه يتصل بها، والنظر الثاني نظر إلى الأعداء؛ لأنه يتصل بذكرهم فلا يكون تكرارًا، ولا سرورَ أعظمُ من سرورهم، ينظرون إلى نعيم دائم لهم حصلوا فيه، وعدوهم حصل في خزي وذل {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ