التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون 29 وإذا مروا بهم يتغامزون 30 وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين 31 وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون 32 وما أرسلوا عليهم حافظين 33 فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون 34 على الأرائك ينظرون 35 هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون 36}

صفحة 7334 - الجزء 10

  مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} أي: هل جوزوا بفعلهم، قيل: هو استفهام، والمراد التقرير. وقيل: (هل) بمعنى (قد). واختلفوا، فقيل: إنه يتصل بما قبله. وقيل: بل كلام مستأنف.

  فعلى القول الأول قيل: ينظرون هل ثوب الكفار بأعمالهم، وقيل: يقول المؤمنون بعضهم لبعض: هل ثوب الكفار بأعمالهم سرورًا بما ينزل بهم، عن أبي علي.

  ومن قال بالقول الثاني، قيل: يجوز أن ينادى بهذا يوم القيامة فيكون سرورا للمؤمنين وتقريعًا للكافرين. وقيل: بل يقوله الله تعالى للمؤمنين أَلمْ أُجَازِهِمْ على ما سبق منهم؟ عن أبي مسلم.

  ومتى قيل: كيف يستعمل لفظ الثواب في العقوبة؟

  قلنا: الثواب حقيقة ما يرجع على صاحبه من عاقبة عمله، إلا أنه غلب عليه الإثابة بالنعم، فاستعمل هاهنا على أصله.

  وقيل: إنما قيل ذلك في مقابلة ما فعل بالمؤمنين؛ أي: هل ثُوِّبَ الكفار، كما ثُوِّبَ المؤمنون، فذكر الثواب للمقابلة.

  · الأحكام: الآيات تتضمن أحكامًا:

  منها: أن أهل الباطل لغفلتهم يسخرون من أهل الحق، وتدل على عظيم ذلك عند الله تعالى.

  ومنها: أن ذلك لا يضر المؤمنين مع حسن عاقبتهم، وإنما تؤول عاقبته الوخيمة عليهم.

  ومنها: قبح اللعب والبطر.

  ومنها: أن أهل الجنة يرون أهل النار، ويسرون بما هم فيه من النعيم، وما فيه أعداؤهم من العقاب، وفيه حسرة للكافرين لما رأوا من الحالين.

  ومنها: أن العقاب جزاء على الأعمال.

  ومنها: أن أعمال العباد فعلُهم.