قوله تعالى: {إذا السماء انشقت 1 وأذنت لربها وحقت 2 وإذا الأرض مدت 3 وألقت ما فيها وتخلت 4 وأذنت لربها وحقت 5 ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه 6 فأما من أوتي كتابه بيمينه 7 فسوف يحاسب حسابا يسيرا 8 وينقلب إلى أهله مسرورا 9 وأما من أوتي كتابه وراء ظهره 10 فسوف يدعو ثبورا 11 ويصلى سعيرا 12 إنه كان في أهله مسرورا 13 إنه ظن أن لن يحور 14 بلى إن ربه كان به بصيرا 15}
  «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ» قيل: كتاب أعماله التي كتبها الحفظة، وفائدة إعطائه باليمين كونه علامة لكونه من أهل الجنة، وتعظيمًا له، وزيادة في سروره، ولطفًا في الإخبار عنه. وقيل: هو كناية عن قبول أعماله، كما يقال فيمن عرض عليه شيءٌ، فَقِيلَ: تَلَقَّاهُ باليمين، فكأنه قيل: الذي قَبِلَ أمر الله وأطاعه يُقْبَلُ عملُه يوم القيامة ويحاسب حسابًا يسيرًا، عن أبي مسلم. «فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا» أي: سهلاً. قيل: الحساب اليسير: التجاوز عن السيئات والإثابة على الحسنات، ومن نوقش في الحساب عُذِّبَ، في حديث مرفوع. وقيل: حسابه عرض الحسنات، وما له من الثواب عليها، وما حط عنه من الأوزار. وقيل: إنما يكون إكرامه وإعظامه، فيسر بذلك، ويعلم أهل الموقف محله. «وينقلبُ إلى أهلِهِ» قيل: من الحور العين. وقيل: من أولاده وأزواجه وعشائره، وقد سبقوه إلى الجنة فلا يشتغل بشيء قلبه. وقيل: إلى إخوانه من المؤمنين، وليس المراد النسب، عن أبي مسلم. «مسرُورًا» بما أكرم من الثواب.
  «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» قيل: تجعل يده من وراء ظهره، ويعطى كتابه، عن مجاهد. وقيل: ذلك علامة مناقشة الحساب وسوء المآب، فإذا علم ما فيها من المعاصي بقراءته دعا بالويل والثبور «فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا» يقول: واهلاكاه!
  واثبوراه! «وَيَصْلَى سَعِيرًا» قيل: يدخل النار ويعذب بها، عن أبي علي. وقيل: يصير صِلاءً للنار المسعرة، والإسعار والإيقاد واحد، عن أبي مسلم. وقيل: يلزم النار معذبًا، عن علي بن عيسى. «إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا» في الدنيا. قيل: اقتطعه السرور بالدنيا وأهلها عما يلزمه أن يقوم به، خلاف المؤمنين الَّذِينَ قالوا: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ