التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا أقسم بالشفق 16 والليل وما وسق 17 والقمر إذا اتسق 18 لتركبن طبقا عن طبق 19 فما لهم لا يؤمنون 20 وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون 21 بل الذين كفروا يكذبون 22 والله أعلم بما يوعون 23 فبشرهم بعذاب أليم 24 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون 25}

صفحة 7347 - الجزء 10

  حملهم على ذلك جهلاً. «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ» يكتمون في صدورهم، عن قتادة، ومجاهد. وقيل: بما يعملون من المعاصي، ويسترونه، عن أبي علي. وقيل:

  يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة، عن ابن زيد. وقيل: بما يعتقدون ويكيدون النبي ÷ والمؤمنين. «فَبَشِّرْهُمْ» أي: أخبرهم «بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» مو جع «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» قيل: غير منقوص، عن ابن عباس. وقيل: غير مقطوع. وقيل: غير مُنَغَّصٍ بالمن، عن أبي علي. وقيل: هو الجنة، عن أبي مسلم. ومعنى «أَجْر» أي جزاء.

  · الأحكام: يدل قوله: «فلا أقسم» على تأكيد أمر الجزاء.

  ويدل قوله: «طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ» اختلاف أحوال الإنسان، وأن له مدبرًا وصانعًا غيَّر عليه الأحوال.

  ويدل قوله: «فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ» أنهم: قادرون على الإيمان، والإيمان فعلُهم، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ؛ لاستحالة أن يقول: مَاَلَكَ لا تؤمن، وهو لا يقدر على الإيمان، ولا له إليه سبيل، ولا هو من فعلهم لو وجد، وكذلك دلالة قوله: «لَا يَسْجُدُونَ».

  ويدل قوله: «لَا يَسْجُدُونَ» أن الكفار مخاطبون بالشرائع، ويدل أن هاهنا سجدة واجبة.

  وروى أبو هريرة عن النبي ÷ «أنه قرأ هذه السورة وسجد».